الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَمَا ثَبَتَ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: رِيقُ المُؤْمِنِ شِفَاءٌ. وَإِنْ كَانَ المَعْنَى صَحِيحَاً.
روى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا، وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَهَا «بِاسْمِ اللّٰهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا».
يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللّٰهُ تعالى: قَالَ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ المُرَادُ بِأَرْضِنَا هُنَا جُمْلَةُ الأَرْضِ؛ وَقِيلَ أَرْضُ المَدِينَةِ خَاصَّةً لِبَرَكَتِهَا وَالرِّيقَةِ أَقَلُّ مِنَ الرِّيقِ؛ وَمَعْنَى الحَدِيثِ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ رِيقِ نَفْسِهِ عَلَى أُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ، ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى التُّرَابِ فَيَعْلَقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ فَيَمْسَحُ بِهِ عَلَى المَوْضِعِ الجَرِيحِ أَو العَلِيلِ.
وجاء في صحيح البخاري عن السيدة عائشة رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهَا، أن النبي صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ كان يقول للمريض: «بِسْمِ اللّٰهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا».
يَعنِي يَقولُ هَذا الكَلامَ في حالِ المَسْحِ، وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِرِيقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتُرْبَةِ المَدِينَةِ، وَالأَصَحُّ العُمُومُ، وَالشِّفَاءُ مِنَ اللّٰهِ سُبْحَانَهُ يَجْعَلُهُ فِيما يَشَاءُ مِنَ الأَسْبَابِ.
وبناء على ذلك:
فَحَدِيثُ: رِيقُ المُؤْمِنِ شِفَاءٌ لَيْسَ بِحَدِيثٍ شَرِيفٍ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ. هذا، واللّٰه تعالى أعلم.
