﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾

8651 - ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾

29-01-2018 1304 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8651
 2018-01-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَكْتُبُ في قُلُوبِ بَعْضِ عِبَادِهِ الإِيمَانَ، أَيْ يُثَبِّتُهُ في قُلُوبِهِمْ، وَيُمَكِّنُهُ فِيهَا، فَلَا تَعْصِفُ بِهِمْ عَوَاصِفُ الفِتَنِ، وَلَا تَغْلِبُهُمُ الأَهْوَاءُ، وَيُعِينُهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، فَيَقِيهِمْ مِنَ الفِتَنِ وَنَزْغَاتِ الشَّيْطَانِ.

هَؤُلَاءِ العِبَادُ الذينَ اخْتَصَّهُمُ اللهُ تعالى بِهَذِهِ النَّاحِيَةِ الذينَ هُمُ الذينَ جَعَلُوا وَلَاءَهُمْ للهِ تعالى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقَطَعُوا في سَبِيلِ ذَلِكَ كُلَّ وَلَاءٍ لَهُمْ مَعَ أَعْدَاءِ اللهِ تعالى، وَلَو كَانُوا مِنْ أَقْرَبِ المُقَرَّبِينَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمَاً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾. هَؤُلَاءِ الذينَ لَا تَمِيلُ قُلُوبُهُمْ لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾.

وبناء على ذلك:

فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ اللهُ تعالى في قَلْبِهِ الإِيمَانَ وَيُثَبِّتَهُ وَيَحْفَظَهُ، وَيُؤَيِّدَهُ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، الذي هُوَ رُوحٌ لِأَرْوَاحِ المُؤْمِنِينَ، فَعَلَيْهِ بِالحُبِّ في اللهِ، وَالبُغْضِ في اللهِ، لِأَنَّ هَذَا أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ» رواه الإمام أحمد عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَتَجْدُرُ المُلَاحَظَةُ هُنَا بِأَنَّ الوُدَّ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ، فَالمَطْلُوبُ مِنَ المُؤْمِنِ أَنْ لَا يَوَدَّ بِقَلْبِهِ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَهَذَا لَا يَعْنِي أَنْ يُخَالِقَ هَؤُلَاءِ بِخُلُقٍ سَيِّءٍ في الظَّاهِرِ، بَلْ يَسْمَعُ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَمِنَ الخُلُقِ الحَسَنِ الْتِزَامُ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنَاً﴾. وَقَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1304 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 256
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1448
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 635
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1693
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 963
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414464037
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :