﴿كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾

8655 - ﴿كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾

31-01-2018 1238 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8655
 2018-01-31

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تَتَحَدَّثُ عَنْ يَوْمِ القِيَامَةِ، بِحَيْثُ يُدْعَى النَّاسُ بِمَنِ انْتَمَوا إِلَيْهِ مِنْ نَبِيٍّ، أَو عَالِمٍ، أَو كِتَابٍ، فَيُقَالُ: يَا أَتْبَاعَ دِينِ كَذَا، أَو يَا أَتْبَاعَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَو يَا أَتْبَاعَ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، أَو يَا أَتْبَاعَ فُلَانٍ مِنَ العُلَمَاءِ.

وَقِيلَ: يُدْعَى النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ بِكِتَابِ أَعْمَالِهِمْ، فَيُقَالُ: يَا أَصْحَابَ كِتَابِ الخَيْرِ، وَيَا أَصْحَابَ كِتَابِ الشَّرِّ؛ كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾. فَآخِذٌ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، فَيَقُولُ: ﴿هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾. وَهُمُ السُّعَدَاءُ أُولُوا الأَبْصَارِ وَالبَصَائِرِ في الدُّنْيَا.

وَآخِذٌ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ، فَيَقُولُ: ﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ *  يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾.

وبناء على ذلك:

فَاللهُ تَبَارَكَ وتعالى يَذْكُرُ في هَذِهِ الآيَةِ حَالَةَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُنَادَى عَلَى النَّاسِ، كُلٌّ بِإِمَامِهِ، يَعْنِي بِنَبِيِّهِ، فَيُقَالُ: يَا أُمَّةَ إِبْرَاهِيمَ، يَا أُمَّةَ مُوسَى، يَا أُمَّةَ عِيسَى، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ؛ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعَهُ كِتَابُهُ، كِتَابُ عَمَلِهِ، فَمَنْ أَخَذَ كِتَابَهُ أَمَامَ نَبِيِّهِ بِيَمِينِهِ، فَيَقْرَأَهُ بِفَرَحٍ وَسُرُورٍ وَاسْتِبْشَارٍ، لِمَا يَرَى فِيهِ مِنَ العَمَلِ الذي يُبَيِّضُ الوَجْهَ.

وَمَنْ أَخَذَهُ بِشِمَالِهِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى أَمَامَ نَبِيِّهِ، فَيَقْرَأَهُ فَيَنْدَمَ وَيَتَحَسَّرَ وَيُنَادِي بِالوَيْلِ وَالثُّبُورِ، لِمَا يَرَى فِيهِ مِنَ العَمَلِ الذي يُسَوِّدُ الوَجْهَ.

روى الترمذي والحاكم ـ واللفظ له ـ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾.

قَالَ: «يُدْعَى أَحَدُهُمْ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعَاً».

قَالَ: «وَيُبَيَّضُ وَجْهُهُ، وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَتَلَأْلَأُ».

قَالَ: «فَيَنْطَلِقُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ائْتِنَا بِهِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي هَذَا، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ فَيَقُولُ: أَبْشِرُوا، إِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا.

وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُسَوَّدُ وَجْهُهُ، وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعَاً، عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَيَرَاهُ أَصْحَابُهُ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ هَذَا، اللَّهُمَّ لَا تَأْتِنَا بِهِ؛ فَيَأْتِيهِمْ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ أَخِّرْهُ ـ في رِوَايَةِ الترمذي: اللَّهُمَّ أَخْزِهِ ـ فَيَقُولُ: أَبْعَدَكُمُ اللهُ، فَإِنَّ لِكُلٍّ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا».

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ نُدْعَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكِتَابُنَا بِيَمِينِنَا فَرِحِينَ مُسْتَبْشِرِينَ بِرُؤْيَةِ الحَبِيبِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ رَاضٍ عَنَّا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1238 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 256
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1448
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 635
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1693
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 963
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414462818
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :