شر الدواب عند الله

8668 - شر الدواب عند الله

05-02-2018 1169 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرَاً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8668
 2018-02-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾. يَتَحَدَّثُ عَنْ أَقْوَامٍ صَمُّوا آذَانَهُمْ عَنْ سَمَاعِ الحَقِّ، وَأَخْرَسُوا أَلْسِنَتَهُمْ عَنِ النُّطْقِ بِهِ، فَهَؤُلَاءِ هُمْ شَرُّ مَنْ دَبَّ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِنْ خَلْقِ اللهِ تعالى.

فَقَدْ جَعَلَهُمُ اللهُ تعالى مِنْ جِنْسِ البَهَائِمِ، لِأَنَّهُمْ صَرَفُوا جَوَارِحَهُمْ عَمَّا خُلِقَتْ لَهُ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ شَرَّهَا، لِأَنَّهُمْ عَانَدُوا بَعْدَ الفَهْمِ، وَكَابَرُوا بَعْدَ العَقْلِ، وَفِي ذِكْرِهِمْ في مَعْرِضِ التَّشْبِيهِ بِهَذَا الأُسْلُوبِ، غَايَةٌ في الذَّمِّ.

وَمِثْلُ هَذَا الوَصْفِ في القُرْآنِ الكَرِيمِ كَثِيرٌ، كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾. وَكَقَوْلِهِ تعالى: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ﴾.

ثُمَّ يَقُولُ تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرَاً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾. يَعْنِي: وَلَو عَلِمَ اللهُ في هَؤُلَاءِ الذينَ صَمُّوا آذَانَهُمْ، وَأَخْرَسُوا أَلْسِنَتَهُمْ، خَيْرَاً وَصِدْقَاً في طَلَبِ الهِدَايَةِ، وَالرَّغْبَةِ فِيهِ، لَأَسْمَعَهُمُ الحُجَجَ وَالبَرَاهِينَ وَالمَوَاعِظَ، سَمَاعَ تَفَهُّمٍ وَتَدَبُّرٍ، أَيْ: لَجَعَلَهُمْ سَامِعِينَ حَتَّى يَسْمَعُوا سَمَاعَ المُصَدِّقِينَ، وَلَكِنْ عَلِمَ اللهُ تعالى أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِمْ، لِأَنَّهُ لَو أَسْمَعَهُمْ سَمَاعَ تَفَهُّمٍ لَتَوَلَّوْا مِمَّا سَمِعُوهُ مِنَ الحَقِّ وَأَعْرَضُوا.

وبناء على ذلك:

فَهَؤُلَاءِ فِئَةٌ مِنَ النَّاسِ صَمُّوا آذَانَهُمْ كِبْرَاً وَعِنَادَاً، وَأَخْرَسُوا أَلْسِنَتَهُمْ عَنِ النُّطْقِ بِهِ عُلُوَّاً وَاسْتِكْبَارَاً، فَهَؤُلَاءِ شَرُّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ تعالى، هَدَاهُمُ اللهُ تعالى هِدَايَةَ دِلَالَةٍ، وَلَمْ يَهْدِهِمْ هِدَايَةَ مَعُونَةٍ لِمَا عَلِمَ اللهُ تعالى فِيهِمْ مِنْ إِصْرَارٍ عَلَى الغِوَايَةِ، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1169 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 256
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1448
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 635
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1693
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 963
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414465693
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :