﴿لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرَاً مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾

8688 - ﴿لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرَاً مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾

16-02-2018 2751 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرَاً مِنَ الْأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8688
 2018-02-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرَاً مِنَ الْأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ﴾. هُوَ كَلَامُ المُشْـرِكِينَ قَبْلَ بِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ كَانُوا يَقُولُونَ إِذَا عَيَّرَهُمْ أَحَدٌ بِالجَهْلِ: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا كِتَابٌ مِنْ كُتُبِ الأَوَّلِينَ كَالتَّوْرَاةِ وَالإِنْجيلِ، لَأَخْلَصْنَا العِبَادَةَ للهِ تعالى، وَلَمْ نَكْفُرْ بِهِ؛ فَلَمَّا جَاءَهُمْ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالذِّكْرِ وَالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَبِالعِلْمِ الذي أَكْرَمَهُ اللهُ تعالى بِهِ، كَفَرُوا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا شَأْنُ مَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ فِيهِ.

وبناء على ذلك:

فَاللهُ تعالى يُخْبِرُ عَنِ المُشْرِكِينَ بِمَا كَانُوا يَقُولُونَ قَبْلَ بِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا كِتَابٌ مِنَ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ التي أَنْزَلَهَا اللهُ تعالى لَاهْتَدَيْنَا بِهَا، وَتَطَهَّرْنَا بِهَا مِنْ جَاهِلِيَّتِنَا، وَمِنْ كُلِّ ضَلَالٍ وَشَرٍّ وَشِرْكٍ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِمَا سَبَقَهُ مِنَ الكُتُبِ وَمُهَيْمِنَاً عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقَاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنَاً عَلَيْهِ﴾. بِوَاسِطَةِ أَفْضَلِ رَسُولٍ وَنَبِيٍّ، كَفَرُوا بِهِ، وَكَذَّبُوهُ، وَحَارَبُوهُ.

حَالُهُمْ كَحَالِ أَهْلِ الكِتَابِ قَبْلَ بِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى العَرَبِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. أَيْ: وَقَدْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ مَجِيءِ هَذَا الرَّسُولِ بِهَذَا الكِتَابِ يَسْتَنْصِرُونَ بِمَجِيئِهِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ مِنَ المُشْرِكِينَ إِذَا قَاتَلُوهُمْ، يَقُولُونَ: إِنَّهُ سَيُبْعَثُ نَبِيٌّ في آخِرِ الزَّمَانِ نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمٍ، كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْهُمْ قَالَ: قَالُوا: فِينَا وَاللهِ وَفِيهِمْ ـ يَعْنِي في الأَنْصَارِ ـ وَفِي اليَهُودِ الذينَ كَانُوا جِيرَانَهُمْ، نَزَلَتْ هَذِهِ القِصَّةُ؛ يَعْنِي: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾.

نَسْأَلُ اللهَ الذي هَدَانَا للإِيمَانِ بالقُرْآنِ وَبِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَرْجُوهُ أَنْ يُثَبِّتَنَا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2751 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 256
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1448
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 635
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1693
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 963
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414464687
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :