الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الإمام أحمد عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ، فَلَا خَيْرَ فِيكُمْ، وَلَا يَزَالُ أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ، لَا يُبَالُونَ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وبناء على ذلك:
فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إلى أَنَّ صَلَاحَ أَهْلِ بِلَادِ الشَّامِ صَلَاحٌ للجَمِيعِ، وَفَسَادَهُمْ فَسَادٌ للجَمِيعِ، وَلَكِنْ بِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الطَّائِفَةُ المَنْصُورَةُ في هَذِهِ الأُمَّةِ في بِلَادِ الشَّامِ.
روى الإمام أحمد عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ لَا يَـضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ».
فَقَامَ مَالِكُ بْنُ يَخَامِرٍ السَّكْسَكِيُّ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، يَقُولُ: «وَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ».
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَرَفَعَ صَوْتَهُ هَذَا مَالِكٌ، يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذَاً، يَقُولُ: «وَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ».
فَبِلَادُ الشَّامِ بِلَادٌ مُبَارَكَةٌ، وَالإِيمَانُ فِيهَا أَيَّامَ الفِتَنِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ عَمُودَ الْكِتَابِ انْتُزِعَ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي فَإِذَا هُوَ نُورٌ سَاطِعٌ عُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ إِذَا وَقَعَتِ الْفِتَنُ بِالشَّامِ» رواه الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَفْوَةُ اللهِ مِنْ أَرْضِهِ الشَّامُ، وَفِيهَا صَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ، وَلَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي ثُلَّةٌ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ».
لِذَا وَجَبَ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ أَنْ يُقَدِّرُوا نِعْمَةَ اللهِ تعالى عَلَيْهِمْ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |