﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ﴾

8958 - ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ﴾

19-06-2018 3055 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى في سورة الأنعام: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾. ويقول تعالى في سورة الإسراء: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾. فما هو الفارق بين الآيتين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8958
 2018-06-19

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالآيَةُ التي في سُورَةِ الأَنْعَامِ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾. لَمَّا كَانَ الآبَاءُ يُعَانُونَ مِنَ الفَقْرِ وَالجُوعِ كَانُوا يَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ لِمَا يُعَانُونَ هُمْ مِنَ الجُوعِ وَالحَاجَةِ، فَجَاءَتِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تُبَيِّنُ لَهُمْ أَلَّا يَخَافُوا عَلَى نَقْصِ مَا عِنْدَهُمْ مِمَّا يَحْتَاجُونَهُ، فَقَالَ تعالى: ﴿نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ﴾. وَنُذْهِبُ فَقْرَكُمْ وَجُوعَكُمْ وَنَرْزُقُ مَنْ سَيَأْتِيكُمْ.

وَالآيَةُ الثَّانِيَةُ التي في سُورَةِ الإِسْرَاءِ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾. وَفِي هَذِهِ الآيَةِ لَمَّا كَانَ الآبَاءُ عِنْدَهُمْ مَا يَكْفِيهِمْ، وَلَا يَعِيشُونَ الإِمْلَاقَ، وَلَكِنَّهُمْ يَخَافُونَ وُقُوعَهُ بِهِمْ بِسَبَبِ مُشَارَكَةِ مَنْ يَأْتِيهِمْ مِنَ الأَوْلَادِ، فَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ سَتُرَبُّونَ مِنَ الأَوْلَادِ لَنْ يَأْخُذُوا مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الرِّزْقِ، فَاللهُ تعالى يَرْزُقُهُمْ بِرِزْقٍ جَدِيدٍ، وَيَرْزُقُكُمْ كَمَا كَانَ يَرْزُقُكُمْ عَلَى الدَّوَامِ.

وبناء على ذلك:

فَفِي الآيَتَيْنِ نَهْيٌ عَنْ قَتْلِ الأَوْلَادِ بِسَبَبِ الفَقْرِ، إِنْ كَانَ مَوْجُودَاً وَاقِعَاً، أَو كَانَ خَوْفَاً مِنْ وُقُوعِهِ في المُسْتَقْبَلِ.

فَالآيَةُ في سُورَةِ الأَنْعَامِ تَحَدَّثَتْ عَنِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الأَوْلَادِ بِسَبَبِ الفَقْرِ الوَاقِعِ الحَالِّ بِهِمْ، فَقَالَ تعالى: ﴿مِنْ إِمْلَاقٍ﴾. يَعْنِي: مِنْ فَقْر وَاقِعٍ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَكَفِّلٌ بِرِزْقِ الأُصُولِ وَالفُرُوعِ.

وَالآيَةُ التي في سُورَةِ الإِسْرَاءِ تَحَدَّثَتْ عَنِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الأَوْلَادِ بِسَبَبِ خَوْفِ وُقُوعِ الفَقْرِ في المُسْتَقْبَلِ، فَقَالَ تعالى: ﴿خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾. يَعْنِي: خَوْفَ وُقُوعِ الفَقْرِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ مُتَكَفِّلٌ بِرِزْقِ الذُّرِّيَّةِ أَوَّلَاً ثُمَّ يَرْزُقُ الأُصُولَ.

فَلَمَّا كَانَ الآبَاءُ يَعِيشُونَ هُمُ الإِمْلَاقَ قَدَّمَ: ﴿نَرْزُقُكُمْ﴾. وَلَمَّا كَانُوا يَخَافُونَ وُقُوعَ الإِمْلَاقِ بِهِمْ بِسَبَبِ خَوْفِهِمْ أَنْ يَأْخُذَ الأَبْنَاءُ مَا عِنْدَهُمْ قَدَّمَ: ﴿نَرْزُقُهُمْ﴾. فَمَا سَيَأْكُلُونَهُ رِزْقٌ جَدِيدٌ تَكَفَّلَ بِهِ رَبُّهُمْ، وَلَيْسَ جُزْءَاً مِنْ حِصَّتِكُمْ.

وَعَلَى كُلِّ الأَحْوَالِ، لَا تَخْشَ مِنْ ضِيقِ الرِّزْقِ بِسَبَبِ وُجُودِ الأَوْلَادِ، لَا إِنْ كُنْتَ فَقِيرَاً، وَلَا إِنْ كُنْتَ تَخْشَى الفَقْرَ، لِأَنَّ الرِّزْقَ عَلَى اللهِ تعالى وَلَيْسَ عَلَيْكَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3055 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 239
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1444
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 632
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1683
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1435
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 956
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414309948
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :