حرمة نساء المجاهدين

9027 - حرمة نساء المجاهدين

09-07-2018 8677 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «حُرْمَةُ نِسَاءِ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ»؟ وإن كان هذا صحيحاً، فهل يعني أن زوجة المجاهد إذا مات لا يجوز لأحد أن يتزوج منها، لأنها كأمه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9027
 2018-07-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رواه الإمام مسلم في صَحِيحِهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حُرْمَةُ نِسَاءِ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلَاً مِنَ المُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ، إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ، فَمَا ظَنُّكُمْ؟».

وَهَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ عَنْوَنَ لَهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِهِ بِعُنْوَانٍ يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، فَقَالَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: بَابُ حُرْمَةِ نِسَاءِ المُجَاهِدِينَ، وَإِثْمِ مَنْ خَانَهُمْ فِيهِنَّ.

وَمَفَادُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِنِسَاءِ المُجَاهِدِينَ بِرِيبَةٍ، مِنْ نَظَرٍ مُحَرَّمٍ، وَخَلْوَةٍ، وَحَدِيثٍ مُحَرَّمٍ، وَعَلَى القَاعِدِ أَنْ يَكُونَ مُحْسِنَاً إِلَيْهِنَّ، وَأَنْ يَقُومَ بِقَضَاءِ حَوَائِجِهِنَّ التي لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَفْسَدَةٌ، وَلَا يُتَوَصَّلُ بِهَا إلى رِيبَةٍ، وَأَنْ يَتَعَامَلَ مَعَهُنَّ كَأُمَّهَاتٍ مِنْ حَيْثُ المَنْزِلَةُ، وَلَكِنْ بِدُونِ خَلْوَةٍ، بَلْ بِالتَّقَيُّدِ: ﴿مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾. هذا أولاً.

ثانياً: وَيُسْتَفَادُ مِنَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ أَنَّ الزِّنَا ـ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى ـ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، أَعْظَمُ مِنَ الزِّنَا بِغَيْرِهَا.

لِأَنَّ إِثْمَ الزِّنَا يَعْظُمُ جُرْمُهُ بِحَسَبِ مَوَارِدِهِ، فَالزِّنَا بِذَاتِ المَحْرَمِ، أَو بِذَاتِ الزَّوْجِ، أَعْظَمُ مِنَ الزِّنَا بِأَجْنَبِيَّةٍ، أَو بِمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا، إِذْ فِي ذَلِكَ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الزَّوْجِ، وَإِفْسَادُ فِرَاشِهِ، وَتَعَلُّقُ نَسَبٍ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ، فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمَاً وَجُرْمَاً مِنَ الزِّنَا بِغَيْرِ ذَاتِ البَعْلِ وَالأَجْنَبِيَّةِ.

وَإِنْ كَانَ الزِّنَا بِزَوْجَةِ الجَارِ، انْضَمَّ إلى إِثْمِ الزِّنَا إِثْمُ سُوءِ الجِوَارِ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ البَوَائِقِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ».

قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَإِنْ كَانَ الجَارُ أَخَاً أَو قَرِيبَاً، انْضَمَّ إلى الإِثْمِ إِثْمُ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ.

فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الزِّنَا بِزَوْجَةِ المُجَاهِدِ الذي خَرَجَ للجِهَادِ في سَبِيلِ اللهِ تعالى، وَلِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ تعالى؟

لِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلَاً مِنَ المُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ، إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ، فَمَا ظَنُّكُمْ؟» أَيْ: مَا ظَنُّكُمْ أَنْ يَتْرُكَ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ؟

وبناء على ذلك:

فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إلى التَّعَامُلِ مَعَ زَوْجَاتِ المُجَاهِدِينَ كَأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتٍ مِنْ حَيْثُ الاحْتِرَامُ، وَالتَّقْدِيرُ، لَا مِنْ حَيْثُ التَّحْرِيمُ، لِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ زَوْجُهَا حَلَّ الزَّوَاجُ بِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
8677 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2024-08-08
 310
مَا مَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»؟
 السؤال :
 2023-11-23
 8018
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟
 السؤال :
 2023-09-17
 6368
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَضَ إِحْضَارَ كِتَابٍ أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ للأُمَّةِ، حَتَّى لَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ؟
 السؤال :
 2023-08-07
 4670
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ»؟
 السؤال :
 2023-02-25
 4097
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 2641
لَقَدِ انْتَشَرَتْ في صُفُوفِ النِّسَاءِ الأَحَادِيثُ المَكْذُوبَةُ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَلِ بَعْضِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَتَظَاهَرْنَ بِأَنَّهُنَّ دَاعِيَاتٌ إلى اللهِ تعالى، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5630
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4860
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417811080
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :