حق الأم وحق الزوج

9173 - حق الأم وحق الزوج

27-09-2018 10202 مشاهدة
 السؤال :
أنا امرأة متزوجة، وواقعة في حيرة من أمري بين أمي وزوجي، أمي تريد مني كثرة الزيارة لها، وزوجي لا يحب هذا، وهو صاحب خلق حسن، وأمي تغضب إن لم أستجب لها، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9173
 2018-09-27

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: حَقُّ الأُمِّ عَلَى الأَوْلَادِ حَقٌّ عَظِيمٌ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُنْكَرُ في الشَّرْعِ، فَقَدْ أَوْجَبَ الـشَّرْعُ عَلَى الأَبْنَاءِ البِرَّ بِالآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، وَحَرَّمَ عُقُوقَهُمَا، وَجَعَلَهُمَا أَوْلَى النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟

قَالَ: «أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».

وروى ابن ماجه عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ.

قَالَ: «وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟».

..................... ـ ثُمَّ قَالَ: ـ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: «وَيْحَكَ، الْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ».

ثانياً: حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ حَقٌّ عَظِيمٌ كَذَلِكَ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ» رواه الترمذي وابن ماجه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ آمِرَاً أَحَدَاً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ، لَمَا جَعَلَ اللهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقٍّ» رواه الحاكم عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَالأُمُّ لَهَا مَنْزِلَةٌ كَبِيرَةٌ جِدَّاً، وَلَهَا حُقُوقٌ كَثِيرَةٌ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَلَكِنْ لَا تَفُوقُ هَذِهِ الحُقُوقُ حَقَّ الزَّوْجِ، فَالزَّوْجُ حَقُّهُ أَعْظَمُ، وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الأُمِّ، وَطَاعَتُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى طَاعَةِ الأُمِّ.

وَالزَّوْجَةُ العَاقِلَةُ تُحَاوِلُ إِرْضَاءَ زَوْجِهَا بِمَا يَرْغَبُ بِهِ مِمَّا لَا يُخَالِفُ الـشَّرْعَ، وَتَسْعَى جَاهِدَةً إلى بِرِّ أُمِّهَا بِمَا لَا يُخَالِفُ أَمْرَ زَوْجِهَا، فَإِنْ عَجِزَتْ قَدَّمَتْ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَى حَقِّ الأُمِّ.

كَمَا يَجِبُ عَلَى الأُمِّ أَنْ تَكُونَ عَوْنَاً لِابْنَتِهَا عَلَى بِرِّ زَوْجِهَا، لِأَنَّ بِرَّهَا بِزَوْجِهَا مُقَدَّمٌ عَلَى بِرِّ أُمِّهَا، وَلِأَنَّهَا إِذَا مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ.

وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ عَوْنَاً لِزَوْجَتِهِ عَلَى بِرِّ أُمِّهَا، وَلَيْسَ هُنَاكَ أَجْمَلُ وَلَا أَكْمَلُ مِنَ الْتِزَامِ شَرْعِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالنِّسْبَةِ للأُمِّ وَلِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، وَأَنْ يَلْتَزِمَ الجَمِيعُ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾.

وَسَامَحَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّ، لِمَاذَا تُرِيدُ أَنْ تُنَغِّصَ حَيَاةَ ابْنَتِهَا مَعَ زَوْجِهَا؟

وَهَلْ كَثْرَةُ خُرُوجِ المَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهَا فِيهِ خَيْرٌ؟ وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10202 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1486
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 311
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 697
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2997
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1343
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7746
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4799
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414909766
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :