لماذا قال: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ ولم يقل: وذريتي؟

9192 - لماذا قال: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ ولم يقل: وذريتي؟

06-10-2018 4924 مشاهدة
 السؤال :
لقد جاء في دعاء سيدنا إبراهيم عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾. لماذا قال: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ ولم يقل: وذريتي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9192
 2018-10-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَدُعَاءُ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾. اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ في مَجِيءِ حَرْفِ الجَرِّ، هَلْ هُوَ للتَّبْعِيضِ أَمْ للابْتِدَاءِ؟

ذَهَبَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إلى أَنَّ ﴿مِنْ﴾ هُنَا للتَّبْعِيضِ، وَهَذَا مِنْ أَدَبِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، حَيْثُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ حِكْمَةَ اللهِ تعالى اقْتَضَتْ وُجُودَ العَبْدِ المُؤْمِنِ، وَوُجُودَ العَبْدِ الكَافِرِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾.

فَسَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلِمَ بِعِلْمِ اللهِ تعالى أَنَّ بَعْضَ ذُرِّيَّتِهِ يَكُونُ كَافِرَاً، قَالَ تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامَاً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾.

وَهُنَاكَ بَعْضُ العُلَمَاءِ قَالَ إَنَّ ﴿مِنْ﴾ هُنَا ابْتِدَائِيَّةٌ وَلَيْسَتْ للتَّبْعِيضِ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَسْأَلُ اللهَ تعالى إِلَّا مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ وَلِذُرِّيَّتِهِ.

وَهُنَاكَ مَنْ قَالَ: إِنَّ ﴿مِنْ﴾ هُنَا لِبَيَانِ الجِنْسِ، فَيَكُونُ المَعْنَى: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَاجْعَلْ جِنْسَ ذُرِّيَّتِي مُقِيمِي الصَّلَاةِ؛ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرَاً عَظِيمَاً﴾.

وبناء على ذلك:

فَقَوْلُ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾. يَشْمَلُ الذُّرِّيَّةَ كَامِلَةً إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، فَهِيَ لِبَيَانِ الجِنْسِ كَمَا ذَهَبَ إلى ذَلِكَ بَعْضُ العُلَمَاءِ.

وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا دُعَاءُ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في مَوْطِنٍ آخَرَ: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾.

وَكَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو لِأُمَّتِهِ كُلِّهَا، فَيَقُولُ: «اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4924 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 255
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1447
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 634
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1688
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 963
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414449948
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :