﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾

9193 - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾

06-10-2018 3399 مشاهدة
 السؤال :
قَالَ تعالى في كتابه العظيم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾. لقد أثبت لهم الإيمان، ثم طلب منهم الإيمان، كيف يكون هذا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9193
 2018-10-06

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾. لَيْسَ مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الحَاصِلِ، لِأَنَّ العُلَمَاءَ وَالمُفَسِّرِينَ قَالُوا: هَذِهِ الآيَةُ خِطَابٌ لِأَهْلِ الكِتَابِ الذينَ آمَنُوا بِاللهِ تعالى، وَبِأَنْبِيَائِهِمْ، طَلَبَ مِنْهُم رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللهِ تعالى، وَأَنْ يُؤْمِنُوا بِرِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ إِلَيْهِمْ وَإلى سَائِرِ الخَلْقِ جَمِيعَاً، لِأَنَّ تَتِمَّةَ الآيَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالَاً بَعِيدَاً﴾.

وَبَعْضُ العُلَمَاءِ وَالمُفَسِّرِينَ قَالُوا: قَوْلُهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾. هُوَ طَلَبٌ مِنْهُمْ أَنْ يَثْبُتُوا عَلَى ذَلِكَ الإِيمَانِ، وَأَنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ اليَقِينُ، وَأَنْ يَرْتَقُوا في دَرَجَاتِ الإِيمَانِ، وَأَنْ يَزْدَادُوا مِنْهُ، لِأَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ.

وبناء على ذلك:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا﴾. لَيْسَ مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الحَاصِلِ، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الثَّبَاتِ وَالاسْتِمْرَارِ وَطَلَبِ الزِّيَادَةِ، كَمَا نَقُولُ في صَلَاتِنَا في كُلِّ رَكْعَةٍ: ﴿اهْدِنَا الـصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ﴾. يَعْنِي زِدْنَا هُدَىً وَثَبَاتَاً عَلَى ذَلِكَ حَتَّى نَلْقَاكَ.

وفي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ العَبْدِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَتَقَلَّبُ العَبْدُ مِنْ حَالٍ إلى حَالٍ، أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنَاً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنَاً وَيُمْسِي كَافِرَاً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنَاً وَيُصْبِحُ كَافِرَاً، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»؟ رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

أَلَمْ يَقُلْ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لِسَيِّدِ الأَتْقِيَاءِ وَالأَنْقِيَاءِ وَالأَصْفِيَاءِ، وَسَيِّدِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ﴾؟

السَّعِيدُ مَنْ وَفَّقَهُ اللهُ تعالى لِطَلَبِ زِيَادَةِ الإِيمَانِ، لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَلِطَلَبِ الثَّبَاتِ عَلَى الإِيمَانِ وَالاسْتِمْرَارِ عَلَيْهِ حَتَّى المَوْتِ ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾. اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ. وَهَذَا مِنْ دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3399 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 255
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1447
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 634
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1689
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 963
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414455238
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :