استئذان الرجل زوجته في الصوم

9202 - استئذان الرجل زوجته في الصوم

06-10-2018 8955 مشاهدة
 السؤال :
يستحب للمرأة أن تستأذن زوجها في صيام النافلة، فهل كذلك يستحب أن يستأذن الزوج زوجته إذا أراد صيام النافلة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9202
 2018-10-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: نَهَى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المَرْأَةَ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَصُومُ المَرْأَةُ يَوْمَاً وَاحِدَاً، وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ـ إِلَّا رَمَضَانَ ـ».

وفي رِوَايَةٍ للإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ».

وَهَذَا النَّهْيُ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ مَحْمُولٌ عَلَى صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَالمَنْدُوبِ، وَالنَّهْيُ للتَّحْرِيمِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الزَّوْجَ لَهُ حَقُّ الاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَحَقُّهُ وَاجِبٌ عَلَى الفَوْرِ.

ثانياً: أَمَّا اسْتِئْذَانُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ بِصِيَامِ النَّافِلَةِ، فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الأَحَادِيثِ الـشَّرِيفَةِ، وَالحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ:

1ـ حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ آكَدُ مِنْ حَقِّهَا، فَلَا يَصِحُّ القِيَاسُ عَلَى الزَّوْجَةِ.

2ـ حَقُّ الزَّوْجِ أَعْظَمُ، لِوُجُودِ الدَّرَجَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾. وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ آمِرَاً أَحَدَاً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى المَرْأَةِ بَعْدَ حَقِّ اللهِ تعالى، وَحَقِّ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَاجِبٌ أَوْجَبَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ.

3ـ الزَّوْجُ هُوَ في الغَالِبِ الأَعَمِّ يَطْلُبُ المُعَاشَرَةَ، فَالمَرْأَةُ مَطْلُوبَةٌ بِشَكْلٍ عَامِّ، وَلَيْسَتْ طَالِبَةً.

وبناء على ذلك:

فَالمَرْأَةُ تَسْتَأْذِنُ زَوْجَهَا في صِيَامِ النَّافِلَةِ إِذَا كَانَ حَاضِرَاً، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَلَا يَسْتَأْذِنُ زَوْجَتَهُ إِنْ أَرَادَ الصِّيَامَ، لِأَنَّ الرَّجُلَ بِشَكْلٍ عَامٍّ هُوَ الطَّالِبُ، وَالزَّوْجَةَ هِيَ المَطْلُوبَةُ، روى الإمام أحمد والحاكم وأبو داود عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ المُعَطَّلِ يَـضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

قَالَ: وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ.

قَالَ: فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَّا قَوْلُهَا: يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، فَإِنَّهَا تَقْرَأُ سُورَتَيْنِ نَهَيْتُهَا عَنْهُمَا، وَقُلْتُ لَوْ كَانَ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ (كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهَا تُطِيلُ بِذَلِكَ الصَّلَاةَ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لَهَا) وَأَمَّا قَوْلُهَا: يُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ، فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَا أَصْبِرُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: «لَا تَـصُومُ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا».

وَأَمَّا قَوْلُهَا: بِأَنِّي لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ، لَا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

قَالَ: «فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ».

وَإِذَا كَانَ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ، إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الاسْتِئْذَانُ، وَهَذَا مِنَ المُعَاشَرَةِ بِالمَعْرُوفِ، وَذَلِكَ لِمَا روى ابن حبان عَنِ ابْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا: أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: فَسَكَتَتْ، ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي، قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي».

ـ وفي رِوَايَةٍ في مشكل الآثار قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ، ائْذَنِي لِي أَتَعَبَّدْ لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».

وفي رِوَايَةٍ في التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ للمُنْذِرِيِّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ، أَتَأْذَنِينَ لِي في قِيَامِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ» ـ

قُلْتُ: وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ.

قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ، ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ.

فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟

قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدَاً شَكُورَاً، لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ، وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾» الْآيَةَ كُلَّهَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
8955 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  صوم التطوع

 السؤال :
 2025-06-09
 33
هَلْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَصُومَ اليَوْمَ الأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ البِيضِ فِي شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ؟
رقم الفتوى : 13658
 السؤال :
 2020-08-29
 1188
هَلْ يَجُوزُ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَطْ، إِذَا وَافَقَ يَوْمَ السَّبْتِ؟
رقم الفتوى : 10613
 السؤال :
 2018-08-02
 7734
هل من السنة المؤكدة صيام عشر ذي الحجة؟
رقم الفتوى : 9066
 السؤال :
 2018-02-11
 3591
هل صحيح بأن سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كان يصوم يوم السبت والأحد، مخالفة للمشركين، لأنهما عيدان للمشركين؟
رقم الفتوى : 8685
 السؤال :
 2017-08-30
 850
ما هو الدليل على صيام الأيام التسعة من شهر ذي الحجة؟
رقم الفتوى : 8300
 السؤال :
 2017-04-23
 3471
الكثير من الناس يصومون شهر رجب وشعبان، فهل هذا الصيام مشروع؟
رقم الفتوى : 7988

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5702
المقالات 3230
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424033198
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :