آناء الليل وأطراف النهار

9231 - آناء الليل وأطراف النهار

22-10-2018 31172 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾. ما هو المقصود بآناء الليل وأطراف النهار؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9231
 2018-10-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَطْلُبُ اللهُ تعالى مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يُسَبِّحَهُ تَسْبِيحَاً دَائِمَاً وَمُتَوَالِيَاً، كَمَا أَنَّ نِعَمَ اللهِ تعالى عَلَى العَبْدِ دَائِمَةً وَمُتَوَالِيَةً، وَلَا يَخْلُو العَبْدُ لَحْظَةً مِنَ اللَّحَظَاتِ إِلَّا وَالنِّعَمُ تَتْرَى عَلَيْهِ بِلَا عَدٍّ وَلَا حَدٍّ وَلَا تَنْتَهِي.

قَالَ تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا﴾. فَنِعَمُهُ دَائِمَةٌ عَلَى عَبْدِهِ، هُوَ نَائِمٌ وَهُوَ مُسْتَيْقِظٌ، هُوَ طَائِعٌ وَهُوَ عَاصٍ، هُوَ مُقْبِلٌ وَهُوَ مُدْبِرٌ، وَكُلُّ نِعْمَةٍ مِنَ النِّعَمِ تَسْتَحِقُّ الحَمْدَ وَالشُّكْرَ، وَكُلُّ نِعْمَةٍ تَحْمِلُ في طَيَّاتِهَا نِعَمَاً لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ تعالى.

فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَطْلُبُ مِنَ العَبْدِ المُنْعَمِ عَلَيْهِ أَنْ يُسَبِّحَهُ في كُلِّ الأَوْقَاتِ ﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾. هذا أولاً.

ثانياً: آنَاءُ اللَّيْلِ أَيْ: سَاعَاتُ اللَّيْلِ؛ وَكَلِمَةُ آنَاءَ هِيَ جَمْعُ: أَنْيٌ وَإِنيٌ، وَهُوَ الجُزْءُ مِنَ الزَّمَنِ أَو السَّاعَةُ مِنْهُ، حَيْثُ يُقْصَدُ بِالسَّاعَةِ الجُزْءُ مِنَ الزَّمَنِ وَلَيْسَ السَّاعَةَ المَعْهُودَةَ.

يَعْنِي: سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ في أَجْزَاءِ اللَّيْلِ كُلِّهَا، وَكُلُّ عَبْدٍ يُسَبِّحُ في أَجْزَاءِ اللَّيْلِ حَسْبَ هِمَّتِهِ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ مِنْ عَبْدٍ إلى عَبْدٍ، وَهُنَاكَ مِنَ العِبَادِ مَنْ لَا يَفْتُرُ عَنِ التَّسْبِيحِ لَحْظَةً وَاحِدَةً مِنْ لَحَظَاتِهِ، مُتَأَسِّيَاً بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي كَانَ يَذْكُرُ اللهَ تعالى عَلَى سَائِرِ أَحْيَانِهِ.

أَمَّا قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾. يَعْنِي أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ.

فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ طَلَبَ التَّسْبِيحَ مِنْ عَبْدِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، يَعْنِي في أَجْزَاءِ اللَّيْلِ كُلِّهَا، وَأَمَّا في النَّهَارِ فَطَلَبَ مِنْهُ التَّسْبِيحَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، لِأَنَّ النَّهَارَ مَحَلٌّ للعَمَلِ وَالسَّعْيِ، وَهَذَا مَا أَكَّدَهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرَاً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَآنَاءُ اللَّيْلِ هِيَ أَجْزَاءُ اللَّيْلِ كُلُّهَا، وَأَطْرَافُ النَّهَارِ هِيَ عِنْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، وَأَذَانِ المَغْرِبِ.

فَاللهُ تعالى يُرِيدُ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَذْكُرَهُ فَلَا يَنْسَاهُ، لِأَنَّ نِعَمَهُ لَا تُعَدُّ وَلَا تُـحْصَى، وَحَتَّى لَا تَشْغَلُهُ النِّعْمَةُ عَنِ المُنْعِمِ.

يَقُولُ بَعْضُ العَارِفِينَ بِاللهِ تعالى: اجْعَلْ مُرَاقَبَتَكَ لِمَنْ لَا تَخْلُو عَنْ نَظَرِهِ إِلَيْكَ، وَاجْعَلْ شُكْرَكَ لِمَنْ لَا تَنْقَطِعُ نِعَمُهُ عَنْكَ، وَاجْعَلْ طَاعَتَكَ لِمَنْ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ، وَاجْعَلْ خُضُوعَكَ لِمَنْ لَا تَخْرُجُ عَنْ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
31172 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 255
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1447
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 634
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1689
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 963
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414453739
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :