الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَتَجِبُ الزَّكَاةُ في المَحَاصِيلِ الزِّرَاعِيَّةِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾. وَلَا يُشْتَرَطُ الحَوْلُ في زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ اتِّفَاقَاً.
وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ في زَكَاةِ الزُّرُوعِ النِّصَابُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَالنِّصَابُ عِنْدَهُمْ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ، مَا يُعَادِلُ 1200 كغ.
وَخَالَفَ في ذَلِكَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وَقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ نِصَابٌ لِزَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ في القَلِيلِ وَالكَثِيرِ، مَا لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ، وَالصَّاعُ قُدِّرَ بِـ /3800 /غ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ عُشْرُ الخَارِجِ إِذَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَإِذَا سُقِيَ بِكُلْفَةٍ وَمُؤْنَةٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ العُشْرِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَتُؤَدَّى زَكَاةُ المَحَاصِيلِ الزِّرَاعِيَّةِ مِنْ كُلِّ الخَارِجِ، وَلَا يُطْرَحُ مِنْهُ البِذَارُ، وَلَا الأُجْرَةُ، وَلَا النَّفَقَةُ، بَلْ يَجِبُ العُشْرُ في الكُلِّ، أَو نِصْفُ العُشْرِ إِذَا كَانَتِ الأَرْضُ تُسْقَى بِكُلْفَةٍ وَمُؤْنَةٍ.
وَأَنَا أَنْصَحُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ في القَلِيلِ وَالكَثِيرِ، وَلْيَكُنِ المُزَارِعُ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.
ومن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.