الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَحْرُمُ عَلَى المَرْأَةِ الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا يَلِي:
أولاً: يَحْرُمُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ، وَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
ثانياً: يَحْرُمُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ، وَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فَرْضَاً أَو نَفْلَاً، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطَّوَافُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» رواه الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الفُقَهَاءِ.
رابعاً: يَحْرُمُ عَلَيْهَا قِرَاءَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقْرَأِ الحَائِضُ، وَلَا الجُنُبُ شَيْئَاً مِنَ القُرْآنِ» رواه الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ.
خامساً: يَحْرُمُ عَلَيْهَا مَسُّ المُصْحَفِ وَحَمْلُهُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾. وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» رواه الحاكم عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ.
وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ.
سادساً: يَحْرُمُ عَلَيْهَا دُخُولُ المَسْجِدِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» رواه أبو داود عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ.
سابعاً: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ وَطْءِ الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَذَهَبَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ إلى حُرْمَةِ اسْتِمْتَاعِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، لِحَدِيثِ السَيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضَاً، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَاشِرَهَا؛ أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا.
قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ إِرْبَهُ.
لِأَنَّ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ حَرِيمٌ للفَرْجِ، وَمَنْ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُخَالِطَ الحِمَى. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |