أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1917 - بعد الذكر يشربون الدخان ويلعبون الشدة

28-03-2009 54917 مشاهدة
 السؤال :
ما رأيكم في أصحاب زاوية يذكرون الله تعالى كثيراً، ولكن بعد الانتهاء من ذكر الله تعالى يشربون الدخان ويلعبون بورق الشدة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1917
 2009-03-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن من أعظم نعم الله عز وجل على عبده أن يطلق الله عز وجل لسانه بذكره، لأن وصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واضحة بقوله صلى الله عليه وسلم: (أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) رواه الطبراني وابن حبان. لأن ذكر الله تعالى معين للعبد على الاستقامة وعلى امتثال أوامر الله عز وجل، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ: (لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ). والله عز وجل يقول: {إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون}. وقال بعض العلماء: ذكر الله أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر، لأن ذكر الله تعالى مطلوب منا على سائر الأحوال بالكثرة لا بالقلة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}. فمن كان مكثراً لذكر الله تعالى كان ذكره لله تعالى سبباً كبيراً في نهيه عن الفحشاء والمنكر.

وإني أقول لهؤلاء الإخوة الكرام أهلِ ذكر الله تعالى:

يا أهل ذكر الله تذكروا قول الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}. فإن ذكرتموه في ملأ من البشر فإنه يذكركم في ملأ خير من مَلَئكم، قال صلى الله عليه وسلم: (يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ) رواه مسلم، فهل يليق بكم بعد مجالستكم لله تعالى أن تلعبوا بورق الشدة الذي هو ليس من شعار الصالحين، بل هو من شعار أهل الغفلة الذين لا يعرفون قيمةً لأوقاتهم التي سيسألون عنها يوم القيامة كما جاء في الحديث الشريف: (لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاهُ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. فما أنتم قائلون لله عز وجل يوم القيامة يا أهل ذكر الله تعالى؟

يا أهل ذكر الله: هل يليق بكم بعد ذكر الله تعالى وبعد أن طهَّرتم قلوبكم وألسنتكم بذكر الله تعالى وحفَّتكم الملائكةُ الكرامُ ملائكةُ الرحمة برحمة الله، هل يليق بكم أن تشربوا الدخان الخبيث ذا الرائحة الخبيثة الذي يؤذي المؤمنين وينفِّر الملائكة؟

لا يا أهل الذكر أنتم ينظر الناس إليكم بأنكم من أهل التقوى ومن أهل الصلاح فلا تكونوا سبباً لنفور الناس عن دينهم.

لا يا أهل الذكر لا تكونوا قدوة غير صالحة لأهل الغفلة حيث يبيحون لأنفسهم شرب الدخان الذي قال جُلٌّ العلماء بتحريمه، فيجعلون منكم أسوة وقدوة لأنفسهم، تذكروا يا أهل الذكر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ) رواه مسلم.

لا يا أهل الذكر لا تغترُّوا بأنفسكم بأنكم ذكرتم الله تعالى فتحلُّوا لأنفسكم هذه الأمور، لأن أهل الذكر يأخذون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ) رواه مسلم. فإذا كان اللعب بالورق يكره تحريماً فأول من يجب عليهم تركه هو أنتم.

لا يا أهل الذكر لا تجعلوا من أنفسكم سبباً للطعن في أهل الذكر وفي مجالس الذكر، بل اجعلوا من أنفسكم قدوة صالحة يعشقكم بها أهل الغفلة، لأن أهل الغفلة عضَّتهم الدنيا بأنيابها القاسية فجعلت حياتهم شقاءً وضنكاً، وطوبى لعبد جعله الله تعالى سبباً في هداية أهل الغفلة.

يا أهل الذكر حافظوا على هذه النعمةِ نعمةِ ذكر الله تعالى التي حُرِمها الكثير من الناس، ولا تكونوا سبباً للطعن في مجالس الذكر وأهله، يقول صلى الله عليه وسلم: (كل رجل من المسلمين على ثغر من ثغر الإسلام، اللهَ اللهَ أن يؤتى الإسلام من قبلك) رواه محمد بن نصر المروزي في كتاب السنة.

أسأل الله تعالى لي ولكم وللمسلمين الثبات على الدين الحق والاستقامة على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حتى نلقاه وهو راض عنا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
54917 مشاهدة