التعيير بالذنب

7133 - التعيير بالذنب

06-01-2016 12003 مشاهدة
 السؤال :
سؤال: أنا وقعت في ذنب من الذنوب، وتبت إلى الله تعالى منه، ولكن هناك من يعيرني بهذا الذنب، وأنا أتألم من ذلك، فماذا عليه وعليَّ أن نفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7133
 2016-01-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى ابن ماجه عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «التَّائِبُ مِن الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ».

ثانياً: روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ». يَعْنِي: لا يُعَيِّرْ؛ كَمَا قَالَ سَيِّدُنَا يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِإِخْوَتِهِ: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.

ثالثاً: يَقُولُ ابْنُ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدِرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: رُبَّ مَعْصيَةٍ أَوْرَثَتْ ذُلَّاً وَانْكِسَارَاً، خَيْرٌ من طَاعَةٍ أَوْرَثَتْ عِزَّاً وَاسْتِكْبَارَاً.

رابعاً: عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ جَمِيعَاً أَنَّ السَّوْطَ الذي ضُرِبَ بِهِ العَاصِي حَدَّاً أَو تَأْدِيبَاً هُوَ بِيَدِ اللهِ تعالى مُقَلِّبِ القُلُوبِ، وَقَد قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئَاً قَلِيلَاً﴾. وَقَالَ يُوسُفُ الصِّدِّيقُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.

وبناء على ذلك:

أولاً: هَنِيئَاً لَكَ بِتَوْبَتِكَ للهِ عزَّ وجلَّ، وَأَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ يُبَدِّلَ سَيِّئَاتِنَا وَسَيِّئَاتِكَ حَسَنَاتٍ، وَاصْبِرْ وَاحْتَسِبْ، وهذا من جُمْلَةِ الابْتِلاءِ، وَأَنْتَ مَأْجُورٌ بالصَّبْرِ على تِلْكَ الإِسَاءَةِ من خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.

ثانياً: أَنْ يَكُونَ هذا المُعَيِّرُ على حَذَرٍ من بَطْشِ اللهِ تعالى بِهِ، لِمَا وَرَدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الترمذي ـ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَقَالٌ عِنْدَ المُحَدِّثِينَ ـ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ».

وروى الترمذي ـ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ـ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ، فَيَرْحَمَهُ اللهُ وَيَبْتَلِيكَ».

وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: البَلَاءُ مُوَكَّلٌ بالقَوْلِ، لَوْ سَخِرْتُ من كَلْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ أُحَوَّلَ كَلْبَاً. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
12003 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  محظورات أخلاقية واجتماعية

 السؤال :
 2019-06-19
 459
هَلْ يَجُوزُ وَضْعُ الوَالِدِ في دَارِ المُسِنِّينَ بِسَبَبِ إِضْرَارِهِ في البَيْتِ، وَإِسَاءَتِهِ لِزَوْجَةِ الوَلَدِ؟
 السؤال :
 2013-11-02
 1223
هل يجوز للرجل أن يلعن زوجته إذا كانت ناشزةً، أو يلعن ولده إذا كان عاقَّاً؟ وإذا لعن الرجل زوجته هل يعتبر ذلك طلاقاً لأنها طردت من رحمة الله تعالى؟
 السؤال :
 2013-05-17
 52576
هل صحيح بأن العبد المملوك للمرأة يعتبر من محارمها، ويجوز له أن ينظر منها ما تنظر المرأة المسلمة من المرأة المسلمة؟
 السؤال :
 2012-10-22
 55724
هل يجوز للإنسان أن يمدح نفسه أمام الآخرين بقصد تعريفهم على قدرته في أمر من الأمور؟
 السؤال :
 2012-10-15
 3137
هل تقبل توبة من ذهب إلى عرَّاف؟ وهل يجب عليه أن يجدد إسلامه؟
 السؤال :
 2012-10-12
 56864
نحن نعيش اليوم أيام شدة وقسوة، فهل من نصيحة صادقة تتعلق باللسان؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412400398
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :