الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَنْتَهِي وَقْتُ صَلَاةِ الضُّحَى قَبْلَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ في وَسَطِ السَّمَاءِ، وَقُدِّرَ ذَلِكَ قَبْلَ أَذَانِ الظُّهْرِ بِخَمْسِ دَقَائِقَ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ في هَذِهِ السَّاعَةِ.
روى الإمام مالك في المُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ اللهِ الصُّنَابِحِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا، ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا» وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاَةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ.
وَأَمَّا عِنْدَ المَالِكِيَّةِ فَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الضُّحَى وَقْتَ الاسْتِوَاءِ، وَحُجَّتُهُمْ في ذَلِكَ عَمَلُ أَهْلِ المَدِينَةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ في وَقْتِ الاسْتِوَاءِ، وَعَمَلُهُمْ حُجَّةٌ عِنْدَ الإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى وَسَائِرِ الفُقَهَاءِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَصَلَاةُ الضُّحَى يَنْتَهِي وَقْتُهَا قَبْلَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ في وَسَطِ السَّمَاءِ، يَعْنِي قَبْلَ خَمْسِ دَقَائِقَ مِنْ أَذَانِ الظُّهْرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَهَذَا الحُكْمُ في سَائِرِ الأَيَّامِ مَا عَدَا يَوْمَ الجُمُعَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالُوا: كَانَ المُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ في خِلَافَةِ عُمَرَ في وَقْتِ الاسْتِوَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ لِيَخْطُبَ فِيهِمْ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا عِنْدَ المَالِكِيَّةِ فَيَنْتَهِي وَقْتُ صَلَاةِ الضُّحَى عِنْدَ الاسْتِوَاءِ، يَعْنِي عِنْدَ أَذَانِ الظُّهْرِ، سَائِرَ الأَيَّامِ. هذا، والله تعالى أعلم.