الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في صَحِيحِ الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ فِي الْبَحْرِ شَيَاطِينَ مَسْجُونَةً، أَوْثَقَهَا سُلَيْمَانُ، يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ، فَتَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرْآنًا.
مِنْ خِلَالِ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ يُفْهَمُ أَنَّ سَيِّدَنَا سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَعَلَى حَضْرَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، قَدْ سَجَنَ في جَزَائِرِهِ مَنْ أَبَى مِنَ الشَيَاطِينِ وَامْتَنَعَ عَمَّا كُلِّفَ بِهِ.
هَذِهِ الشَّيَاطِينُ سَتَخْرُجُ في آخِرِ الزَّمَانِ مِنْ مَحْبِسِهَا، وَتَنْتَشِرُ في أَنْحَاءِ الأَرْضِ وَآفَاقِهَا، وَتَقْرَأُ عَلَى عَوَامِّ النَّاسِ وَأَغْبِيَائِهِمْ شَيْئًا لَيْسَ مِنَ القُرْآنِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ، فَيُضِلُّونَهُمْ بِهِ وَيَفْتِنُونَهُمْ؛ وَفِعْلُهُمْ هَذَا شَبِيهٌ بِفِعْلِ مُسْيَلِمَةَ الكَذَّابِ، وَفي هَذَا الحَدِيثِ الشَّرِيفِ تَحْذِيرٌ مِنْ قَبُولِ أَيِّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَضْلًا عَنِ القُرْآنِ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَسَيَكُونُ هَذَا في آخِرِ الزَّمَنِ، وَلَا يَسَعُ العَبْدَ المُؤْمِنَ إِلَّا التَّصْدِيقُ بِالغَيْبِ الذي وَصَلَنَا عَنْ طَرِيقِ الصَّادِقِ المَصْدُوقِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |