أبغضت زوجها بعد زواجه

11744 - أبغضت زوجها بعد زواجه

24-01-2022 503 مشاهدة
 السؤال :
زَوْجِي تَزَوَّجَ مِنِ امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ، فَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا، مَعَ العِلْمِ أَنَّ الوُدَّ كَانَ قَائِمًا بَيْنَنَا، فَهَلْ أَنَا آثِمَةٌ في ذَلِكَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11744
 2022-01-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ بُغْضَكِ لِزَوْجِكَ لِأَحَدِ سَبَبَيْنِ، إِمَّا لِكَوْنِهِ تَزَوَّجَ ثَانِيَةً، وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَا يَعْدِلُ بَيْنَكُمَا.

فَإِنْ كَانَ بُغْضُكِ لَهُ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ ثَانِيَةً، فَهَذَا لَيْسَ مِنْ حَقِّكِ لِأَنَّهُ مَا أَتَى بِذَنْبٍ، وَمَا اقْتَرَفَ إِثْمًا، وَمَا ارْتَكَبَ كَبِيرَةً، بَلْ فَعَلَ أَمْرًا مُبَاحًا، وَرُبَّمَا كَانَ وَاجِبًا حَسَبَ الحَالِ الذي دَفَعَهُ للزَّوَاجِ، وَاللهُ تعالى أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾.

وَهَذَا بِشَرْطِ العَدْلِ في النَّفَقَةِ وَالكِسْوَةِ وَالمَبِيتِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ فَحَرَامٌ عَلَيْهِ الزَّوَاجُ ثَانِيَةً.

وَرُبَّمَا لَمْ يتَزَوَّجْ ثَانِيَةً إِلَّا وَهُوَ مُحْتَاجٌ، لِأَنَّ الزَّوَاجَ بِثَانِيَةٍ زِيَادَةُ عِبْءٍ عَلَيْهِ، وَزِيَادَةُ مَسْؤُولِيَّةٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَأُخْرَوِيَّةٍ، وَلَوْلَا الحَاجَةُ لَمَا تَزَوَّجَ ثَانِيَةً وَهُوَ يَعْلَمُ نَتَائِجَ الزَّوَاجِ الثَّانِي.

وَإِنْ كَانَ بُغْضُكِ لَهُ بِسَبَبِ الجَوْرِ وَعَدَمِ العَدْلِ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْكِ، وَهُوَ ظَالِمٌ وَآثِمٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ العَدْلُ وَإِلَّا وَقَعَ تَحْتَ الوَعِيدِ النَّبَوِيِّ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ».

وَتَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَأُذَكِّرُكِ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾.

وَمَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ قَضَى بِالإِبَاحَةِ، فَعَلَيْكِ التَّسْلِيمُ وَالرِّضَا، وَعَلَيْكِ أَنْ تَبْحَثِي عَنِ الأَسْبَابِ التي تَتَأَلَّفِي بِهَا قَلْبَ زَوْجِكِ، فَالقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصابِعِ الرَّحْمَنِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، فَاصْبِرِي وَاحْتَسِبِي، وَلَا تَكُونِي سَبَبًا في تَمَادِيهِ وَتَقْصِيرِهِ وَظُلْمِهِ وَإِسَاءَتِهِ، إِذَا كَانَ هَذَا وَصْفَهُ.

وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَلَيْكِ القِيَامُ بِحَقِّهِ عَلَيْكِ، مَا دَامَ هُوَ قَائِمًا بِحَقِّكِ، وَهُوَ العَدْلُ.

وَاحْذَرِي الاعْتِرَاضَ عَلَى شَرْعِ اللهِ تعالى، وَتَذَكَّرِي قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

وَلَا تَسْمَعِي لِمَنْ يُحَرِّضُكِ عَلَى زَوْجِكِ، فَأَنْتِ وَالأَوْلَادُ أَوَّلُ الخَاسِرِينَ إِنْ كَانَ عِنْدَكِ أَوْلَادٌ، وَإِذَا خَسِرْتِ الزَّوْجَ فَسَوْفَ تَخْسَرِينَ الأَبْنَاءَ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى، وَخَاصَّةً إِذَا كُنْتِ تَزْرَعِينَ الحِقْدَ في قُلُوبِهِمْ عَلَى أَبِيهِمْ.

وَتَذَكَّرِي قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾. وَهَذَا الخِطَابُ وَإِنْ كَانَ للأَزْوَاجِ فَالزَّوْجَاتُ مَشْمُولَاتٌ بِهِ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَ لَكِ خَيْرًا كَثِيرًا بِسِرِّ صَبْرِكِ عَلَى زَوْجِكِ. هذا، والله تعالى أعلم.

503 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1358
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 273
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 647
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2915
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1301
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7623
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414456671
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :