وصف المرأة الأجنبية أمام الرجال

11010 - وصف المرأة الأجنبية أمام الرجال

04-03-2021 3668 مشاهدة
 السؤال :
لَقَدِ ابْتُلِيتُ بِأُمِّ زَوْجِي، كُلَّمَا ذَهَبَتْ إلى مُجْتَمَعٍ فِيهِ النِّسَاءُ، عَادَتْ وَجَلَسَتْ مَعَ أَوْلَادِهَا وَزَوْجِهَا وَبَنَاتِهَا، تَصِفُ النِّسْوَةَ بِأَشْكَالِهِنَّ وَثِيَابِهِنَّ، وَتَقَعُ في غِيبَتِهِنَّ، فَمَا حُكْمُ الشَّرْعِ فِيهَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11010
 2021-03-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ سَوَّلَتْ لَهَا نَفْسُهَا أَنْ تَصِفَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً عَنْ زَوْجِهَا وَأَوْلادِهَا أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا يَلِي:

أولًا: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ النِّسَاءَ بِالحِجَابِ، وَعَدَمِ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ، فَقَالَ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾. وَقَالَ تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

بَلْ شَدَّدَ الإِسْلَامُ عَلَى المَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ أَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ بِثِيَابٍ ضَيِّقَةٍ أَو شَفَّافَةٍ بِحَيْثُ يَصِفُ جِسْمَهَا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ المَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى الْمَيَاثِرِ حَتَّى يَأْتُوا أَبْوَابَ مَسَاجِدِهِمْ، نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ عَلَى رُؤُوسِهِمْ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْعِجَافِ، الْعَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ، لَوْ كَانَتْ وَرَاءَكُمْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَخَدَمَهُمْ كَمَا خَدَمَكُمْ نِسَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ».

فَقُلْتُ لِأَبِي: وَمَا الْمَيَاثِرُ؟

قَالَ: سُرُوجًا عِظَامًا. رواه الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

فَالإِسْلَامُ لَمْ يَجْعَلْ سَبِيلًا لِمَعْرِفَةِ المَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، وَذَلِكَ حِرْصًا عَلَيْهَا مِنْ أَصْحَابِ القُلُوبِ المَرِيضَةِ ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾. وَحِرْصًا مِنْهُ عَلَى سَلَامَةِ المُجْتَمَعِ مِنَ الرَّذِيلَةِ وَالفَاحِشَةِ.

ثانيًا: أَمَرَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الرِّجَالَ بِغَضِّ البَصَرِ، فَقَالَ: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ» رواه الترمذي والحاكم عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الْإِيَادِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ.

ثالثًا: روى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُخَنَّثٌ فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ.

قَالَ: فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً، قَالَ: إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَرَى هَذَا يَعْرِفُ مَا هَاهُنَا لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُنَّ».

قَالَتْ: فَحَجَبُوهُ.

وروى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُبَاشِرُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

لِتَسْمَعْ كُلُّ امْرَأَةٍ سَوَّلَتْ لَهَا نَفْسُهَا أَنْ تَصِفَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً أَمَامَ زَوْجِهَا وَأَوْلَادِهَا: إِنَّ الذي تَفْعَلِينَهُ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ؛ الإِسْلَامُ أَوْجَبَ الحِجَابَ عَلَى المَرْأَةِ حَتَّى لَا يَنْظُرَ إِلَيْهَا الرِّجَالُ، وَأَوْجَبَ عَلَى الرِّجَالِ غَضَّ البَصَرِ خَشْيَةَ الفِتْنَةِ، فَمَاذَا تَفْعَلِينَ أَنْتِ يَا أَمَةَ اللهِ؟

هَلْ تَعْلَمِينَ أَنَّ وَصْفَ المَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ أَمَامَ الرِّجَالِ قَدْ يَجْعَلُ السَّامِعَ يَتَخَيَّلُ تِلْكَ المَرْأَةَ بِصِفَاتِهَا التي نُقِلَتْ إِلَيْهِ، وَرُبَّمَا تَتَشَكَّلُ صُورَتُهَا في قَلْبِهِ، وَتَنْطَبِعُ في مِرْآةِ نَفْسِهِ، وَعِنْدَهَا يُوحِي الشَّيْطَانُ لَهُ مَا يُوحِي؟

هَلْ تَعْلَمِينَ أَنَّ وَصْفَكِ للمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ أَمَامَ الرِّجَالِ، قَدْ يُؤَدِّي لِطَلَاقِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ، وَيَبْحَثُ عَنْ تِلْكَ المَرْأَةِ لِيَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً يُفْسِدُ عَلَيْهَا عَلَاقَتَهَا مَعَ زَوْجِهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا هُوَ؟

صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ، يَا مُنْقِذَ العِبَادِ مِنَ الرَّدَى، عِنْدَمَا قُلْتَ لِنِسَائِنَا: «لاَ تُبَاشِرُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا». هَذَا أولًا.

ثانيًا: لِتَسْمَعِ المَرْأَةُ المُغْتَابَةُ للنِّسَاءِ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾.

وَلْتَسْمَعْ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلْتَسْمَعْ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» رواه الإمام مسلم عَنْ حُذيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

لِأَنَّ النَّمَّامَ يُفْسِدُ في سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مَا لَا يُفْسِدُهُ السَّحَرَةُ، وَالنَّمَّامُ مُعَذَّبٌ في قَبْرِهِ، بَعْدَ العَذَابِ النَّفْسِيِّ في الدُّنْيَا، أَمَّا العَذَابُ في الآخِرَةِ إِنْ لَمْ يَتُبِ العَبْدُ مِنَ النَّمِيمَةِ فَحَدِّثْ بِدُونِ حَرَجٍ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِغَضِّ البَصَرِ، وَحِفْظِ اللِّسَانِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

3668 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2025-05-01
 356
هَلْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ المُضْطَرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ سَبِيلًا لِلْعَمَلِ إِلَّا فِي مَصْنَعٍ لِلْخَمْرِ، أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ؟
 السؤال :
 2025-04-17
 144
هَلْ يَجُوزُ شَرْعًا أَنْ يُحَوِّلَ الإِنْسَانُ صُورَتَهُ إِلَى صُورَةٍ كَرْتُونِيَّةٍ عَنْ طَرِيقِ الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ؟
 السؤال :
 2025-03-17
 293
هَلْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ إِنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اللهُ يَجْزِيكَ عَنِّي أَلْفَ خَيْرٍ؟
 السؤال :
 2025-03-17
 185
هَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى آلِ البَيْتِ وَالصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ؟
 السؤال :
 2025-03-03
 307
هَلْ وَرَدَ دَلِيلٌ بِجَوَازِ التَّوَسُّلِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 48
لِمَاذَا حَرَّمَ اللهُ تعالى، وَحَرَّمَ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لُبْسَ الحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ، مَعَ أَنَّهُ مِنْ نَعِيمِ اللهِ تعالى لِعِبَادِهِ فِي الجَنَّةِ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5698
المقالات 3216
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 423369776
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :