الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لَقَدِ اشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ: خَيْرُ القُبُورِ الدَّوَارِسُ؛ وَخَاصَّةً مِمَّنْ يَمْنَعُونَ وَضْعَ عَلَامَةٍ عَلَى القَبْرِ حَتَّى يُعْرَفَ صَاحِبُهُ؛ فَهَذَا لَيْسَ بِحَدِيثٍ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
بَلْ إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ وَضْعُ حَجَرٍ عِنْدَ رَأْسِ المَيْتِ لِيُعْرَفَ بِهِ، كَمَا فَعَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا وَضَعَ حَجَرًا عَلَى قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، روى أبو داود عَنِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ.
قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ: عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي».
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ المُشَارُ إِلَيْهِ في بِدَايَةِ السُّؤَالِ حَدِيثٌ مَكْذُوبٌ، لَا تَصِحُّ رِوَايَتُهُ، وَلَا الاسْتِشْهَادُ بِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |