الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ في الجُمْلَةِ إلى أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاءُ العُمْرَةِ عَنِ الغَيْرِ، لِأَنَّ العُمْرَةَ كَالحَجِّ تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهَا، لِأَنَّ كُلَّاً مِنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَالِيَّةٌ.
وَلَهُمْ في ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
ذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إلى أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاءُ العُمْرَةِ عَنِ الغَيْرِ بِأَمْرِهِ، لِأَنَّ جَوَازَهَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، وَالنِّيَابَةُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِالأَمْرِ، فَلَو أَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فَأَحْرَمَ بِالعُمْرَةِ وَاعْتَمَرَ عَنْهُ جَازَ، لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: تَجُوزُ النِّيَابَةُ في أَدَاءِ العُمْرَةِ عَنِ الغَيْرِ إِذَا كَانَ مَيْتَاً، أَو عَاجِزَاً عَنْ أَدَائِهَا بِنَفْسِهِ، فَمَنْ مَاتَ وفي ذِمَّتِهِ عُمْرَةٌ وَاجِبَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِأَنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ مِنْ فِعْلِهَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى مَاتَ، وَجَبَ أَنْ تُؤَدَّى العُمْرَةُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَو أَدَّاهَا عَنْهُ أَجْنَبِيُّ جَازَ وَلَو بِـلَا إِذْنٍ، كَمَا أَنَّ لَـُه أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ بِلَا إِذْنٍ. هذا، والله تعالى أعلم([1]).
ارسل إلى صديق |