طلقها بعد الخلوة وقبل الدخول

13618 - طلقها بعد الخلوة وقبل الدخول

09-05-2025 440 مشاهدة
 السؤال :
رَجُلٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ، وَتَمَّتْ مُرَاجَعَتُهَا بِدُونِ عَقْدٍ جَدِيدٍ، وَبَعْدَ سَنَةٍ طَلَّقَهَا بِالثَّلَاثِ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا الطَّلَاقُ لَا يَقَعُ، لِأَنَّ مُرَاجَعَتَكَ لَهَا فِي الطَّلَاقِ الأَوَّلِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا تَصِحُّ، فَهَلْ هَذَا صَحِيحٌ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13618
 2025-05-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾.

مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ الدُّخُولُ الحَقِيقِيُّ بِالزَّوْجَةِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ بَعْدَ الخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بَائِنًا.

جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إذْ لَا رَجْعَةَ فِي عِدَّةِ الْخَلْوَةِ، أَيْ: وَلَوْ كَانَ مَعَهَا لَمْسٌ، أَوْ نَظَرٌ بِشَهْوَةٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْعِدَّةِ بَعْدَ الْوَطْءِ تَعَرُّفُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ تَحَفُّظًا عَنِ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ، وَوَجَبَتْ بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِلَا وَطْءٍ احْتِيَاطًا، وَلَيْسَ مِنَ الِاحْتِيَاطِ تَصْحِيحُ الرَّجْعَةِ. اهـ.

وَجَاءَ فِي المَوْسُوعَةِ الفِقْهِيَّةِ الكُوَيْتِيَّةِ: وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ مَا يَلِي:

الشَّرْطُ الأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الرَّجْعَةُ بَعْدَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ سَوَاءٌ صَدَرَ مِنَ الزَّوْجِ أَوْ مِنَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهَا اسْتِئْنَافٌ لِلْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ الَّتِي قُطِعَتْ بِالطَّلَاقِ، فَلَوْلَا وُقُوعُهُ لَمَا كَانَ لِلرَّجْعَةِ فَائِدَةٌ، فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ مُرَاجَعَتِهَا، إِذْ بِالطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ تَبِينُ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بَيْنُونَةً كُبْرَى وَلَا يَحِلُّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا حَتَّى تَتَزَوَّجَ آخَرَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾.

وَالْفُقَهَاءُ جَمِيعًا مُتَّفِقُونَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَحْصُلَ الرَّجْعَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَرَادَ مُرَاجَعَتَهَا فَلَيْسَ لَهُ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلَا﴾. إِلَّا أَنَّ الْحَنَابِلَةَ اعْتَبَرُوا الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ فِي حُكْمِ الدُّخُول مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ تُرَتِّبُ أَحْكَامًا مِثْلَ أَحْكَامِ الدُّخُولِ، أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا بُدَّ عِنْدَهُمْ مِنَ الدُّخُول لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَلَا تَكْفِي الْخَلْوَةُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ مَا صَحَّتْ هَذِهِ الرَّجْعَةُ بَعْدَ الطَّلَاقِ الأَوَّلِ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الدُّخُولِ عِنْدَهُمْ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الحَنَابِلَةُ.

وَبِإِمْكَانِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ أَنْ يُجَدِّدَ العَقْدَ عَلَيْهَا الآنَ بِوُجُودِ وَلِيِّ أَمْرِهَا، وَالشُّهُودِ، وَمَهْرٍ جَدِيدٍ؛ وَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً شَرْعِيَّةً لَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

440 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام الطلاق

 السؤال :
 2023-12-11
 751
إِذَا طُلِّقَتِ الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَهَلْ يُعْتَبَرُ هَذَا مِنَ القَضَاءِ المُبْرَمِ؟
رقم الفتوى : 12848
 السؤال :
 2022-10-10
 1207
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ تَعِيشُ هِيَ وَزَوْجُهَا في دَوْلَةٍ أَوْرُبِّيَةٍ، وَأَرَادَ الزَّوْجُ الرُّجُوعَ إلى بَلَدِهِ مِنْ أَجْلِ سَلَامَةِ دِينِهِ وَدِينِ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، فَرَفَضَتِ الزَّوْجَةُ العَوْدَةَ، وَتُرِيدُ طَلَاقَهُ وَفْقًا للأَحْكَامِ في تِلْكَ الدَّوْلَةِ الأَوْرُبِّيَةِ، وَتَأْخُذُ نِصْفَ مَالِهِ، فَمَا حُكْمُ هَذِهِ المَرْأَةِ؟
رقم الفتوى : 12230
 السؤال :
 2022-06-20
 1531
إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا بَيْنُونَةً كُبْرَى، وَلَيْسَ لَهُ مَسْكَنٌ غَيْرُ الذي يَسْكُنُهُ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى في نَفْسِ المَسْكَنِ الذي فِيهِ مُطَلَّقَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12035
 السؤال :
 2022-06-07
 1019
فَتَاةٌ تَزَوَّجَتْ مِنْ شَابٍّ صَاحِبِ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تُحِبَّهُ، وَتُرِيدُ الطَّلَاقَ، عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ عَلَى زَوَاجِهَا أَشْهُرٌ، فَمَا حُكْمُ الشَّرْعِ في ذَلِكَ؟
رقم الفتوى : 11987
 السؤال :
 2020-09-24
 3223
نَحْنُ نَعْلَمُ بِأَنَّ عَقْدَ الزَّوَاجِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِوُجُودِ الشُّهُودِ، فَهَلِ الطَّلَاقُ يَحْتَاجُ إلى وُجُودِ الشُّهُودِ؟
رقم الفتوى : 10665
 السؤال :
 2020-03-07
 4981
امْرَأَةٌ رَأَتْ زَوْجَهَا يَقْتَرِفُ جَرِيمَةَ الزِّنَا في بَيْتِهَا وَعَلَى فِرَاشِهَا، فَطَلَبَتْ مِنْهُ الطَّلَاقَ ،وَإِلَّا فَسَتَفْضَحُهُ وَطَلَّقَهَا، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 10200

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5698
المقالات 3216
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 423359745
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :