الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد كان لزاماً على طالب العلم قبل أن يذكر الحديثين الشريفين أن ينظر في أقوال العلماء والمحدثين والفقهاء وما قالوه في هذين الحديثين، لأنه ورد كذلك عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (حُرِّمَ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لإِنَاثِهِمْ) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقوله صلى الله عليه وسلم: (أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِلإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا) رواه الإمام أحمد. وفي رواية عند أحمد وابن ماجه: (أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرِيرًا بِشِمَالِهِ وَذَهَبًا بِيَمِينِهِ ثُمَّ رَفَعَ بِهِمَا يَدَيْهِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ).
ولا يجوز لطالب العلم أن يشوِّش على المسلمين أمر دينهم. هذا أولاً.
ثانياً: ذكر الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم قوله: أجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِبَاحَة خَاتَم الذَّهَب لِلنِّسَاءِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمه عَلَى الرِّجَال.
وقال السيوطي في حاشيته: هَذَا مَنْسُوخ بِحَدِيثِ: (أَنَّ هَذَيْنِ حَرَام عَلَى ذُكُور أُمَّتِي حِلّ لإِنَاثِهَا). قَالَ اِبْن شَاهِين فِي نَاسِخه: كَانَ فِي أَوَّل الْأَمْر تَلْبَس الرِّجَال خَوَاتِيم الذَّهَب وَغَيْر ذَلِكَ، وَكَانَ الْحَظْر قَدْ وَقَعَ عَلَى النَّاس كُلّهمْ، ثُمَّ أَبَاحَهُ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ دُون الرِّجَال، فَصَارَ مَا كَانَ عَلَى النِّسَاء مِنْ الْحَظْر مُبَاحًا لَهُنَّ فَنَسَخَتْ الإِبَاحَة الْحَظْر.
وبناء على ذلك:
فلبس الذهب للنساء حلال باتفاق الفقهاء، والأحاديث المحظرة منسوخة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (حُرِّمَ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لإِنَاثِهِمْ).
ولا يجوز لطالب العلم أن يشوِّش على الناس أمر دينهم بذكر الأحاديث الشريفة المنسوخة إلا إذا ذكر أقوال العلماء فيها. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |