الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالإِنْسَانُ مُكَرَّمٌ بِنَصِّ القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾. وَشَعْرُ الإِنْسَانِ تَابِعٌ لِشَخْصِهِ، فَهُوَ مُكَرَّمٌ، وَيُسْتَحَبُّ دَفْنُ الشَّعْرِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِمَا في ذَلِكَ مِنِ امْتِهَانِ حُرْمَةِ الإِنْسَانِ وَكَرَامَتِهِ، كَمَا جَاءَ في العِنَايَةِ شَرْحِ الهِدَايَةِ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شُعُورِ الْإِنْسَانِ وَلَا الانْتِفَاعُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مُكَرَّمٌ لَا مُبْتَذَلٌ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ إلى شَعْرِ المَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، كَمَا لَا يَجُوزُ لَهَا إِبْدَاؤُهُ لِلْأَجَانِبِ عَنْهَا، وَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلى القَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَيْهِ، وَلَو كَانَ مُنْفَصِلًا.
ثَالِثًا: الأَصْلُ في البَارُوكَةِ التَّحْرِيمُ، لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ في الوَصْلِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصْلًا، وَلَكِنْ تَظْهَرُ عَلَى رَأْسِ المَرْأَةِ عَلَى وَجْهٍ أَطْوَلَ مِنْ حَقِيقَتِهِ فَتُشْبِهُ الوَصْلَ، وَقَدْ لَعَنَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ.
وَلَكِنْ إِذَا كَانَتِ المَرْأَةُ صَلْعَاءَ خِلْقَةً، أَوْ بِسَبَبِ السَّرَطَانِ، فَلَا حَرَجَ مِنْ وَضْعِ البَارُوكَةِ مِنْ غَيْرِ شَعْرِ الآدَمِيِّ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ: