في سورة الكهف لماذا قال: {فأردت} ثم {فأردنا} ثم {فأراد ربك}؟

2267 - في سورة الكهف لماذا قال: {فأردت} ثم {فأردنا} ثم {فأراد ربك}؟

17-08-2009 3736 مشاهدة
 السؤال :
في سُورَةِ الكَهْفِ مِنَ الآيَةِ 79 إلى الآيَةِ 82 قِصَّةُ سَيِّدِنَا مُوسَى مَعَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ في حَادِثَةِ السَّفِينَةِ ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ وَفِي حَادِثَةِ قَتْلِ الغُلَامِ ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا﴾ وفي حَادِثَةِ الجِدَارِ ﴿فَأَرَادَ رَبُّكَ﴾ هُنَا السُّؤَالُ: مَا سَبَبُ وُرُودِ كَلِمَةِ: أَرَدْتُ ـ أَرَدْنَا ـ أَرَادَ؛ مَعَ العِلْمِ بِوُرُودِ قَوْلِ اللهِ عَلَى لِسَانِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2267
 2009-08-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الأَنْبِيَاءَ وَالمُرْسَلِينَ وَالأَوْلِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَالعَارِفِينَ يُعَلِّمُونَ الأُمَّةَ التَّوْحِيدَ، وَإِلَى جَانِبِهِ يُعَلِّمُونَهُمُ الأَدَبَ مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَذَا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُعَلِّمُنَا هَذَا الأَدَبَ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى عَنْهُ حِينَ خَاطَبَ قَوْمَهُ: ﴿قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُون * أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُون * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِين * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِين * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِين * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين﴾ فَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَسْنَدَ الفِعْلَ في الأُمُورِ كُلِّهَا التي أَخْبَرَ عَنْهَا إلى اللهِ تعالى إِلَّا المَرَضَ أَسْنَدَهُ إلى نَفْسِهِ، لِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا وَمُصِيبَةً.

بَلِ القُرْآنُ الكَرِيمُ يُعَلِّمُنَا هَذَا الأَدَبَ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾. اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الخَيْرِ دُونَ الشَّرِّ، مَعَ أَنَّهُ بِيَدِهِ تَبَارَكَ وتعالى الخَيْرُ وَالشَّرُّ وَالضُّرُّ وَالنَّفْعُ.

وَكَذَلِكَ هُنَا، سَيِّدُنَا الخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُعَلِّمُنَا الأَدَبَ، فَقَالَ في خَرْقِ السَّفِينَةِ: ﴿فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ أَضَافَ العَيْبَ إلى نَفْسِهِ، مَعَ أَنَّهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا بِأَمْرٍ مِنَ اللهِ تعالى، لِيُعَلِّمَنَا الأَدَبَ مَعَ اللهِ تعالى.

وَكَذَلِكَ في حَادِثَةِ قَتْلِ الغُلَامِ، أَضَافَ القَتْلَ إلى نَفْسِهِ، وَالتَّبْدِيلَ إلى اللهِ تعالى، فَقَالَ: ﴿فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا﴾ فَالقَتْلُ مِنْهُ وَالتَّبْدِيلُ إلى اللهِ تعالى، أَو أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَأَرَدْنَا﴾ أَنَّهُ مِنَ العُظَمَاءِ في عُلُومِ الحِكْمَةِ التي عَلَّمَهُ اللهُ إِيَّاهَا، فَلَمْ يُقْدِمْ عَلَى القَتْلِ إِلَّا لِحِكْمَةٍ عَالِيَةٍ، وَنَسَبَ ذَلِكَ إلى نَفْسِهِ كَذَلِكَ.

أَمَّا عِنْدَ ذِكْرِ الجِدَارِ، فَقَالَ: ﴿فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا﴾. أَضَافَ ذَلِكَ إلى اللهِ تعالى، لِأَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُتَكَفِّلٌ بِمَصَالِحِ الأَبْنَاءِ اليَتَامَى لِرِعَايَةِ حَقِّ الآبَاءِ الصَّالِحِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3736 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 302
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1465
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 663
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1728
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1455
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 983
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4799
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414908853
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :