الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول الله تعالى في سورة المؤمنون: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ}. ومن جملتهم: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء}. ومعنى {يَظْهَرُوا} له معنيان: الأول بمعنى العلم، كما في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ}. يعني إن علموا بكم وعرفوا مكانكم.
الثاني: بمعنى العلو والغلبة والقهر، كما في قوله تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ}. السد الذي بناه ذو القرنين ما استطاع قوم يأجوج ومأجوج أن يعلوه ويرتفعوا عليه.
فقول الله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء}. معناه: الأطفال الذين لم يطلعوا على عورات النساء، هم الذين لا يفهمون أحوال النساء، ولم يظهر عندهم الميل الجنسي لصغر سنهم، فإذا كان الطفل صغيراً لا يفهم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء، أما المراهق أو القريب من المراهقة قبل البلوغ الذي يصف ما يرى، ويفرق بين الشوهاء والحسناء فلا يُمَكَّن من الدخول على النساء، بدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ}.
وبناء على ذلك:
فإذا كان الطفل يفرق بين الشوهاء والحسناء، وقارب سن المراهقة وكان يشتهى عليه، أو قد يشتهي هو النساء فيجب على المرأة أن تستتر منه، ولا يؤذن له بالدخول على النساء.
لذلك قال الفقهاء: فإن راهق فحكمه حكم البالغ في وجوب الستر، وخاصة في هذا الزمان الذي كثر فيه الفساد من خلال أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |