الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه يحرم على المرأة أن تسافر مسافة القصر لوحدها، وأنه لا بدَّ من وجود زوج أو محرم معها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلاَّ وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ولقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ، فَقَالَ: اخْرُجْ مَعَهَا) رواه البخاري عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وإذا سافرت المرأة مع زوج أو محرم لها وأرادت البقاء في تلك البلدة لغرضٍ ما، لدراسة أو عمل... بدون زوج أو محرم، فيرى بعض العلماء أنه لا مانع من إقامتها هناك بدون زوج أو محرم، بشرط أن يكون مكان إقامتها مأموناً، تأمن فيه على دينها ونفسها، وإلا فلا يجوز بقاؤها بدون زوج أو محرم.
وهناك بعض العلماء من لا يرى جواز إقامتها في تلك البلد من دون زوج أو محرم، لأن وجودها لوحدها ذريعة لفتنتها، ويؤكد هذا حوادث الواقع الكثيرة بسبب وجود أصحاب القلوب المريضة والعياذ بالله تعالى.
وبناء على ذلك:
فإذا سافرت المرأة مسافة القصر مع زوج أو محرم، وأرادت البقاء في تلك البلدة بدون زوج أو محرم فلا يجوز، وذلك خشية عليها من أصحاب القلوب المريضة، وكم من امرأة انزلقت قدمها ووقعت فيما حرَّم الله، حيث لا رقيب عليها في نفسها تراه وتخشاه وتستحي منه، ولا مدافع عنها يحفظها من شرِّ الأشرار وكيد الفجار، ولو لم يكن ذلك حراماً لكان من الشبهات، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |