الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فبالنسبة لنا هذا الموضوع الجهل فيه والمعرفة سواء، لأنَّ تحريمه في شريعتنا مقطوع فيه، وبالنسبة لغيرنا نحن ندعوهم أولاً للإيمان بنبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وللإيمان بالقرآن العظيم، فإن آمنوا انتهت القضية، وإن لم يؤمنوا فالأمر أعظم من مسألة تحريم الخمر.
وعلى كل حال فقد قال الإمام ولي الله الدهلوي في كتابه (حجة الله البالغة) بعد بيان قبح الخمر ومضراته: (ولذلك اتفق جميع الملل والنحل على قبحه بالمرة)، فهذه العبارة تدلُّ على أن الخمر مما كان محرماً في الأديان السماوية كلها. وهكذا يُفهم من كلام الإمام الأنور في فيض الباري: (كان محرماً في دين نوح وغيره من المرسلين السابقين صلى الله عليهم أجمعين).
وأما ادِّعاء النصارى وغيرهم من أهل الكتاب إباحته وحلَّه فكادعائهم إباحة الخنزير، يعني كذباً وميناً وتحريفاً، وأمرتنا شريعتنا أن لا نتعرَّض لما يعتقدونه من أحكام وفرعيّات بناء على ديانتهم واعتقادهم فقط، لا لأجل إباحته في شريعتهم الأصلية، وأما إباحته في صدر الإسلام فلم يكن إباحة شرعية، بل لما اعتادوا عليه في زمن الفترة من خلط الأحكام وفقدان الشرائع واختلاط الحابل بالنابل، وربما يعبر عنه بالإباحة الأصلية في هذه الفترة، ولذا جاء التحريم تدريجاً، وهو من الكليات الخمسة.
وبناء على ذلك:
فالخمر محرَّم في جميع التشريعات السماوية السابقة. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
