الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الحَلالُ بَيِّنٌ وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ، لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ القَلْبُ) رواه البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.
ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ) رواه الترمذي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما.
وعَن النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عَن البِرِّ وَالإثْمِ فَقَالَ: (البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ) رواه مسلم.
ونصَّ الفقهاء على أنه إن كان ماله كلُّه من حرام، وليس فيه شيء من الحلال، فلا يجوز التعامل معه، ولا يقترض منه، لأن المال الحرام يجب التخلُّص منه، وذلك بردِّه إلى أصحابه، فإن لم يعرف أصحابه فيصرف للفقراء وأصحاب الحاجة، والمشاريع الخيرية ما عدا بناء المساجد وشراء نسخ من القرآن العظيم.
أما إذا كان مال العبد فيه حلال وفيه حرام، فهذا لا بأس من التعامل معه من حيث الفتوى، ومن حيث التقوى ينبغي التنزُّه عن معاملته حتى يتوب إلى الله تعالى.
وبناء على ذلك:
فإذا كان مال هذا الرجل كلُّه من حرام فلا يحلُّ لك الاقتراض منه، أما إذا كان مخلوطاً بالحلال والحرام فلا بأس من الاقتراض منه، والتنزُّه من الاقتراض منه أولى. هذا، والله تعالى أعلم.