الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في وجوبِ إعادةِ الغُسْلِ في حالة خروج المني من الرجل أو المرأة بعد الاغتسال.
فذهب الحنابلة والمالكية وأبو يوسفَ من الحنفية إلى عدم وجوب إعادةِ الغُسلِ في حالة خروج المني بعد الاغتسال، لما رُوِيَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه سُئِلَ عن الجُنُبِ يخرج منه الشيء بعد الغسل؟ قال: يتوضأ. ولما رُوِيَ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كذلك، بأنَّه يتوضأ، لأنَّه منيٌّ واحدٌ فأوجب غُسْلاً واحداً، كما لو خرج دفعةً واحدةً، ولأنَّه خارجٌ لغير شهوة فأشبه الخارجَ لِبَرْدٍ. وبه علَّل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، حيث قال: لأنَّ الشهوةَ ماضيةٌ، وإنَّما هو حَدَثٌ أرجو أن يجزيه الوضوء.
وذهب الشافعية والإمامُ أبو حنيفة رحمهم الله تعالى إلى وجوب إعادة الغُسلِ على من اغتسل ثم خرج منه المني، سواء كان قبل أن يبول أو بعده، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنَّمَا المَاءُ مِن المَاءِ) رواه الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. حيث لم يُفَرِّق النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بين خروجه عن شهوة أم بعد قضاء الشهوة.
وبناء على ذلك:
فعلى قول جمهورِ الفقهاء لا يجب إعادة الغُسْل إذا خرج المني سيلاناً بعد الاغتسال، ولكن يجب الوضوء.
وعند الشافعية والإمام أبي حنيفة تجب إعادة الغُسْل، ولكن إن كان هناك متَّسعٌ من الوقت، والأمورُ ميَسَّرةٌ للاغتسال ثانيةً، فَلْيُعِد الاغتسال خروجاً من الخلاف بين الفقهاء. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
