هل يقع الطلاق البدعي؟ الطلاق في الحيض

4812 - هل يقع الطلاق البدعي؟ الطلاق في الحيض

21-01-2012 3285 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأنَّ الرجل إذا طلَّق زوجته وهي حائض لا يقع عليها الطلاق لأنَّه طلاق بدعي؟ وما هو الطلاق السني؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4812
 2012-01-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: فَقَدْ قَسَّمَ الفُقَهَاءُ الطَّلَاقَ إلى قِسْمَيْنِ:

الأَوَّلُ: طَلَاقٌ سُنِّيٌّ، وَهُوَ مَا وَافَقَ السُّنَّةَ في طَرِيقَةِ إِيقَاعِهِ، وَلَا يَعْنِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ سُنَّةٌ، لِأَنَّهُ جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه أبو داود عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَبْغَضُ الحَلالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى الطَّلاقُ».

وَطَرِيقَةُ إِيقَاعِهِ: أَنْ يُوْقِعَ المٌطَلِّقُ عَلَى زَوْجَتِهِ طَلْقَةً وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةً في طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ، وَلَا في حَيْضٍ أَو نِفَاسٍ.

الثَّانِي: طَلَاقٌ بِدْعِيٌّ: وَهُوَ طَلَاقٌ مَحْظُورٌ مُخَالِفٌ للشَّرِيعَةِ، يَقَعُ صَاحِبُهُ في الإِثْمِ، وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ:

1ـ طَلَاقٌ بِدْعِيٌّ بِاعْتِبَارِ الوَقْتِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ الذي يُوقِعُهُ المُطَلِّقُ عَلَى زَوْجَتِهِ في زَمَنِ الحَيْضِ، أَو النِّفَاسِ، أَو في طُهْرٍ جَامَعَ زَوْجَتَهُ فِيهِ.

2ـ طَلَاقٌ بِدْعِيٌّ بِاعْتِبَارِ العَدَدِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ الذي يُوقِعُهُ المُطَلِّقُ عَلَى زَوْجَتِهِ المَدْخُولِ بِهَا أَو غَيْرِ المَدْخُولِ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ.

ثَانِيَاً: الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ إِذَا صَدَرَ مِنَ المُطَلِّقُ يَقَعُ عَلَى الزَّوْجَةِ بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ.

أَمَّا الطَّلَاقُ البِدْعِيُّ إِذَا صَدَرَ مِنَ المُطَلِّقِ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى وُقُوعِهِ، مَعَ وُجُودِ الإِثْمِ عَلَى المُطَلِّقِ، لِأَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ في إِيقَاعِ الطَّلَاقِ.

يَقُولُ ابْنُ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في المُغْنِي: (وَأَمَّا المَحْظُورُ، فَالطَّلاقُ فِي الحَيْضِ، أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ، أَجْمَعَ العُلَمَاءُ فِي جَمِيعِ الأَمْصَارِ وَكُلِّ الأَعْصَارِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَيُسَمَّى طَلاقَ البِدْعَةِ؛ لأَنَّ المُطَلِّقَ خَالَفَ السُّنَّةَ، وَتَرَكَ أَمْرَ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» رواه الشيخان.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَإِنَّ طَلَاقَهُ يَقَعُ عَلَيْهَا، وَهُوَ طَلَاقٌ بِدْعِيٌّ مُخَالِفٌ للسُّنَّةِ في إِيقَاعِ الطَّلَاقِ، وَذَلِكَ للحَدِيثِ الذي أَخْرَجَهُ الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ».

وَهَذَا الحُكْمُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ قَدِيمَاً وَحَدِيثَاً، وَهُوَ الذي أَرَاهُ صَوَابَاً لِقُوَّةِ أَدِلَّتِهِ وَلِكَثْرَةِ القَائِلِينَ بِهِ.

وَهُنَاكَ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ على المَرْأَةِ الحَائِضِ خِلَافَاً لِرَأْيِ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وهَؤُلَاءِ قَالَ عَنْهُمْ ابْنُ المُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ البَّرِّ: لَمْ يُخَالِفْ في ذَلِكَ إِلَّا أَهْلُ البِدَعِ وَالضَّلَالِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3285 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام الطلاق

 السؤال :
 2023-12-11
 454
إِذَا طُلِّقَتِ الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَهَلْ يُعْتَبَرُ هَذَا مِنَ القَضَاءِ المُبْرَمِ؟
رقم الفتوى : 12848
 السؤال :
 2022-10-10
 941
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ تَعِيشُ هِيَ وَزَوْجُهَا في دَوْلَةٍ أَوْرُبِّيَةٍ، وَأَرَادَ الزَّوْجُ الرُّجُوعَ إلى بَلَدِهِ مِنْ أَجْلِ سَلَامَةِ دِينِهِ وَدِينِ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، فَرَفَضَتِ الزَّوْجَةُ العَوْدَةَ، وَتُرِيدُ طَلَاقَهُ وَفْقًا للأَحْكَامِ في تِلْكَ الدَّوْلَةِ الأَوْرُبِّيَةِ، وَتَأْخُذُ نِصْفَ مَالِهِ، فَمَا حُكْمُ هَذِهِ المَرْأَةِ؟
رقم الفتوى : 12230
 السؤال :
 2022-06-20
 1225
إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا بَيْنُونَةً كُبْرَى، وَلَيْسَ لَهُ مَسْكَنٌ غَيْرُ الذي يَسْكُنُهُ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى في نَفْسِ المَسْكَنِ الذي فِيهِ مُطَلَّقَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12035
 السؤال :
 2022-06-07
 805
فَتَاةٌ تَزَوَّجَتْ مِنْ شَابٍّ صَاحِبِ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تُحِبَّهُ، وَتُرِيدُ الطَّلَاقَ، عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ عَلَى زَوَاجِهَا أَشْهُرٌ، فَمَا حُكْمُ الشَّرْعِ في ذَلِكَ؟
رقم الفتوى : 11987
 السؤال :
 2020-09-24
 2848
نَحْنُ نَعْلَمُ بِأَنَّ عَقْدَ الزَّوَاجِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِوُجُودِ الشُّهُودِ، فَهَلِ الطَّلَاقُ يَحْتَاجُ إلى وُجُودِ الشُّهُودِ؟
رقم الفتوى : 10665
 السؤال :
 2020-03-07
 4454
امْرَأَةٌ رَأَتْ زَوْجَهَا يَقْتَرِفُ جَرِيمَةَ الزِّنَا في بَيْتِهَا وَعَلَى فِرَاشِهَا، فَطَلَبَتْ مِنْهُ الطَّلَاقَ ،وَإِلَّا فَسَتَفْضَحُهُ وَطَلَّقَهَا، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 10200

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5630
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4860
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417847319
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :