الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد وَرَدَ هذا الحديثُ الشَّريفُ في الصَّحيحَين، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» قَالَ: فَقُلْتُ: أَوْ قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ».
وفي روايةٍ ثانيةٍ للإمام مسلم عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ».
وفي روايةٍ ثالثةٍ عندَهُ كذلك عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا الْمُسْلِمَانِ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ السِّلَاحَ، فَهُمَا عَلَى جُرْفِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، دَخَلَاهَا جَمِيعاً».
والمقصود من الحديث الشريف أنَّ كلَّاً منهما مُستَحِقٌّ النَّارَ، أمَّا القَاتِلُ فَيَستَحِقُّ النَّارَ بالقَتلِ الحَرامِ، وأمَّا المقتولُ فَبِقَصدِهِ الحَرامَ، وفي هذا دليلٌ على أنَّ العَزمَ على الذَّنبِ مَعصِيَةٌ يُؤاخَذُ بها العبدُ، بِخِلافِ الهَمِّ بها.
وليسَ المرادُ من الحديثِ الشَّريفِ خُلودَهُما في النَّارِ، وإنَّما المرادُ دُخولُهُما فيها لارتِكابِهِما مَعصِيَةَ المقاتَلَةِ بِغَيرِ مِجوَزٍ شَرعيٍّ.
أمَّا من استَحَلَّ دَمَ المسلِمِ بِغَيرِ سَبَبٍ ولا تأويلٍ فهوَ كافِرٌ.
وبناء على ذلك:
فالحديثُ الشَّريفُ صحيحٌ رواه الشيخان، وفيه تَحذيرٌ مِن قَتْلِ المُسلِمِ لأَخيهِ المُسلِمِ بِغَيرِ حقٍّ، كما فيه تَحذيرٌ للمُسلِمِ من العَزمِ والتَّصمِيمِ على قَتلِ أخيه. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
