الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: ذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّ اللهَ تَبارَكَ وتعالى رَبَطَ التَّكليفَ بالوَاجِباتِ والمُحَرَّماتِ ولُزومِ آثارِ الأحكامِ في الجُملَةِ بِشَرطِ البُلوغِ، لِقَولِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾. ولِقَولِهِ تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾.
ولِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَن النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَن الطِّفْلِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَن الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ أَوْ يَعْقِلَ» رواه الإمام أحمد عَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
ثانياً: ذَكَرَ الفُقَهاءُ عَلاماتٍ للبُلوغِ، منها:
1ـ الاحتِلامُ، وهوَ خُروجُ المَنِيِّ من الرَّجُلِ أو المَرأةِ في يَقَظَةٍ أو مَنامٍ.
2ـ الإنباتُ، وهوَ ظُهورُ شَعرِ العانَةِ.
3ـ الحَيضُ، وهذا خاصٌّ بالأُنثى.
4ـ البُلوغُ بالسِّنِّ، وذلكَ عِندَ عَدَمِ وُجودِ عَلامَةٍ من عَلاماتِ البُلوغِ، وقد ذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ من الشَّافِعِيَّةِ والحَنابِلَةِ وأبو يوسُفَ ومُحَمَّدُ من الحَنَفِيَّةِ إلى أنَّ البُلوغَ بالسِّنِّ يَكونُ بِتَمامِ خَمسَ عَشرَةَ سَنَةٍ قَمَرِيَّةٍ للذَّكَرِ والأُنثى.
ويَرى الإمامُ أبو حَنيفَةَ أنَّ البُلوغَ بالسِّنِّ للغُلامِ هوَ ثَمانِ عَشرَةَ سَنَةٍ، وللجَارِيَةِ سَبعَ عَشرَةَ سَنَةٍ.
وبناء على ذلك:
فإذا بَلَغَ الشَّابُّ سِنَّ الرِّجالِ بالاحتِلامِ أو الإنباتِ أو بِسِنِّ الخَامِسَةَ عَشرَةَ من عُمَرِهِ جَرى عَلَيهِ القَلَمُ، وَوَجَبَ عَلَيهِ التَّقَيُّدُ بالتَّكاليفِ الشَّرعِيَّةِ، والتي من جُملَتِها الصَّلاةُ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |