{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا}

6220 - {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا}

25-03-2014 62933 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين}؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6220
 2014-03-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذهِ الآيَةُ الكَريمَةُ هيَ خِتامُ سُورَةِ العَنكَبوتِ، وهيَ سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ كما ذَكَرَ المُفَسِّرونَ، وفيها تَحريضٌ لِكُلِّ عاقِلٍ أن يُجَاهِدَ نَفسَهُ الأمَّارَةَ بالسُّوءِ، وهَواهُ، وأن يَحمِلَ نَفسَهُ على ما كَلَّفَهُ اللهُ تعالى به حتَّى يَكونَ هَواهُ تَبَعاً لما جاءَ به سَيِّدَنا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي جاءَ في الإبانَةِ الكُبرى لابنِ بَطَّةَ عَن عَبدِ الله بنِ عَمرو رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حتَّى يَكونَ هَواهُ تَبَعَاً لما جِئتُ بِهِ». وقالَ النَّوَوِيُّ في أَربَعينِهِ: هذا حَديثٌ صَحيحٌ رَوَيناهُ في كِتابِ الحُجَّةِ بإسنادٍ صَحيحٍ.

ومن أكرَمَهُ اللهُ تعالى بِمُجَاهَدَةِ نَفسِهِ، وحَمْلِها على طَاعَةِ الله تعالى أكرَمَهُ اللهُ تعالى بِمَزيدِ الهِدَايَةِ، وأعانَه على سُبُلِ الخَيرِ الأُخرى، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْواهُم﴾. فمن عَمِلَ بما عَلِمَ أورَثَهُ اللهُ تعالى عِلمَ ما لم يَعلَمْ، قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾.

ومن أكرَمَهُ اللهُ تعالى بهذا المَقامِ، مَقامِ مُجَاهَدَةِ النَّفسِ، أكرَمَهُ اللهُ تعالى بالمَعِيَّةِ الخَاصَّةِ، مَعِيَّةِ التَّأييدِ والنَّصرِ والعِزَّةِ في الدُّنيا، وبِمَعِيَّةِ القُربِ والزُّلفى في الآخِرَةِ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَر * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِر﴾.

وبناء على ذلك:

فالمُؤمِنُ لا يَستَحِقُّ جَميلَ الجَزاءِ يَومَ القِيامَةِ إلا بِمُجَاهَدَةِ النَّفسِ، وهذا ما أكَّدَتْهُ هذهِ السُّورَةُ الكَريمَةُ، حَيثُ كانَت بِدَايَتُها: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُون * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين﴾. وكانَت نِهَايَتُها: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين﴾.

فَجَميلُ الجَزاءِ لن يَكونَ بِمُجَرَّدِ دَعوَى الإيمانِ دُونَ الفِتنَةِ والاختِبارِ والامتِحانِ بالشَّدَائِدِ، ثمَّ الصَّبْرِ عَلَيها.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنا لما يُرضيكَ عنَّا مَعَ من نُحِبُّ ويُحِبُّنا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
62933 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 302
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1465
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 663
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1728
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1455
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 983
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4799
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414908261
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :