الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنَّ دُخولَ الجَنَّةِ يُشتَرَطُ لَهُ الإيمانُ مَعَ العَمَلِ الصَّالِحِ، فإن وُجِدَ الإيمانُ وتَخَلَّفَ العَمَلُ الصَّالِحُ، ولم تَشمَلْ رَحمَةُ الله عزَّ جلَّ العَبدَ ابتِداءً، فإنَّهُ سَيَدخُلُ الجَنَّةَ مَآلاً بإذنِ الله تعالى، وذلكَ ببَرَكَةِ الإيمانِ.
أمَّا إذا تَخَلَّفَ الإيمانُ والعِياذُ بالله تعالى، وماتَ العَبدُ على الكُفرِ فإنَّهُ يَكونُ من الخَالِدِينَ في النَّارِ سَواءٌ كَانَ رَجُلاً أو امرأَةً، ورَابِطَةُ الزَّوجِيَّةِ لا تَنفَعُ مَعَ وُجودِ الكُفرِ.
قال تعالى: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ الله شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِين * وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِين﴾.
وبناء على ذلك:
فإذا أكرَمَ اللهُ عزَّ وجلَّ الرَّجُلَ بِدُخولِ الجَنَّةِ وكَانَت زَوجَتُهُ صَالِحَةً جَمَعَ اللهُ عزَّ وجلَّ بَينَهُما، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين﴾. ولِقَولِهِ تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب * سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار﴾.
وأمَّا إذا كَانَت الزَّوجَةُ كَافِرَةً، ومَاتَت على الكُفرِ فلا تَلحَقُ بِزَوجِها إلى الجَنَّةِ إن كَانَ زَوجُها من أهلِ الجَنَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.