الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
هَذَا العَقْدُ بَاطِلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَفَاسِدٌ عِنْدَ السَّادَةِ الحَنَفِيَّةِ، لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ عَقْدِ البَيْعِ الخُلُوُّ عَنِ الرِّبَا، وَالبَيْعُ الذي فِيهِ رِبًا بَاطِلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَفَاسِدٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ.
لِأَنَّ الرِّبَا حَرَامٌ بِنَصِّ القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275] وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ في البَيْعِ أَنْ يَكُونَ خَالِيًا عَنْ شِبْهِ الرِّبَا وَاحْتِمَالِهِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الإِقْدَامُ عَلَى مِثْلِ هَذَا العَقْدِ، لِأَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً شَرْعِيَّةً وَاضِحَةً، وَإِذَا تَمَّ العَقْدُ فَهُوَ عَقْدٌ بَاطِلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ وَالمَالِكِيَّةِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرٌ شَرْعِيٌّ صَحِيحٌ.
وَفَاسِدٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ يَجِبُ فَسْخُهُ مِنْ قِبَلِ المُتَعَاقِدَيْنَ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخَاهُ وَجَبَ عَلَى القَاضِي إِذَا عَلِمَ بِهِ فَسْخُهُ.
وَيَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ إِنْ عَلِمَ هَذَا العَقْدَ، وَلَمْ يَفْسَخْهُ المُتَعَاقِدَانِ، أَنْ يَرْفَعَ أَمْرَهُمَا إلى القَاضِي لِفَسْخِ هَذَا العَقْدِ، وَهَذا مِنْ بَابِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رواه الإمام مسلم. هذا، والله تعالى أعلم.