الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ذَهَبَ جُمهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أنَّ الهِبَةَ لا تَتِمُّ إلا بالقَبْضِ، فإذا وَهَبَ إِنسَانٌ آخرَ شَيئَاً، ومَاتَ الوَاهِبُ قَبلَ أن يَقْبَضَ المَوهُوبُ لَهُ الهِبَةَ، فإنَّ الهِبَةَ تَبْطُلُ، وتُصْبِحُ جَزْءَاً من تَرِكَةِ المَيْتِ، وتُوَزَّعُ على الوَارِثِينَ.
وبناء على ذلك:
فإذا وَهَبَكَ وَالِدُكَ المَالَ، وقَبَضْتَهُ مِنهُ فَهُوَ لَكَ، وأمَّا إذا لَم تَقْبَضْهُ، فَلَيسَ لَكَ حَقٌّ فِيهِ، لأنَّهُ صَارَ تَرِكَةً، إلا إذا رَضِيَ الوَرَثَةُ البَالِغُونَ بِدَفْعِهِ لَكَ.
وتَجْدُرُ المُلاحَظَةُ: أنَّهُ يَجِبُ على الوَالِدِ أن يُسَوِّيَ بَينَ أولادِهِ في العَطِيَّةِ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ» رواه الإمام البخاري.
وخَاصَّةً إذا كَانَ الوَالِدُ يَعلَمُ بأَنَّ هذا التَّخصِيصَ لِوَاحِدٍ دُونَ الآخَرِ يُوَلِّدُ الضَّغِينَةَ في قُلُوبِ الآخَرِينَ، ويُوقِعُهُم في العُقُوقِ، وقَطِيعَةِ الرَّحِمِ. هذا، والله تعالى أعلم.