هل الأرض تأكل أجساد الأولياء؟

6706 - هل الأرض تأكل أجساد الأولياء؟

04-02-2015 5387 مشاهدة
 السؤال :
هل الأرض تأكل أجساد الأولياء، أم أن أجسادهم محرمة على الأرض؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6706
 2015-02-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى الإمام أحمد عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِن الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ».

فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ عَلَيْكَ صَلَاتُنَا وَقَدْ أَرِمْتَ؟ ـ يَعْنِي: وَقَدْ بَلِيتَ ـ.

قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ».

ثانياً: روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ».

قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْماً؟

قَالَ: أَبَيْتُ.

قَالَ أَرْبَعُونَ شَهْراً؟

قَالَ: أَبَيْتُ.

قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟

قَالَ: أَبَيْتُ.

قَالَ: «ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ مِن السَّمَاءِ مَاءً، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ، لَيْسَ مِن الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى، إِلَّا عَظْماً وَاحِداً، وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

عَجْبُ الذَّنَبِ: هوَ الْعَظْمُ اللَّطِيفُ الَّذِي فِي أَسْفَل الصُّلْبِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُخْلَقُ مِن الْآدَمِيِّ، وَهُوَ الَّذِي يَبْقَى مِنْهُ لِيُعَادَ تَرْكِيبُ الْخَلْقِ عَلَيْهِ.

وروى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلَّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُ الْأَرْضُ، إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ، مِنْهُ خُلِقَ، وَفِيهِ يُرَكَّبُ».

ثالثاً: روى الإمام البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِن اللَّيْلِ.

فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلَّا مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِنِّي لَا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ عَلَيَّ دَيْناً، فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْراً.

فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الْآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ.

وروى الترمذي في قِصَّةِ أَصحَابِ الأُخدُودِ قَالَ: فَأَمَّا الْغُلَامُ فَإِنَّهُ دُفِنَ، فَيُذْكَرُ أَنَّهُ أُخْرِجَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُصْبُعُهُ عَلَى صُدْغِهِ كَمَا وَضَعَهَا حِينَ قُتِلَ. وهوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وجَاءَ في كِتَابِ البِدَايَةِ والنِّهَايَةِ: وَذَكَرَ الوَاقِدِيُّ: أنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ العَينَ نَادَى مُنَادِيهِ بِالْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ بِأُحُدٍ فَلْيَشْهَدْ.

قَالَ جَابِرٌ: فَحَفَرنَا عَنهُم، فَوَجَدتُ أَبِي في قَبْرِهِ كَأَنَّمَا هوَ نَائِمٌ على هَيئَتِهِ، ومَا تَغَيَّرَ من حَالِهِ قَلِيلٌ ولا كَثِيرٌ، وَوَجَدنَا جَارَهُ في قَبْرِهِ عَمرَو بنَ الجَمُوحِ وَيَدُهُ على جُرْحِهِ، فَأُزِيلَتْ عَنهُ، فَانْبَعَثَ جُرحُهُ دَمَاً وَيُقَالُ: إِنَّهُ فَاحَ من قُبُورِهِم مِثلُ رِيحِ المِسْكِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَجمَعِينَ، وذلكَ بَعدَ سِتٍّ وأَربَعِينَ سَنَةً من يَومِ دُفِنُوا.

وبناء على ذلك:

فَمَا ثَبَتَ في الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ أنَّ الأَرضَ لا تَأكُلُ أَجسَادَ الأَولِيَاءِ والصَّالِحِينَ، بَل الوَارِدُ فَقَط في حَقِّ الأَنبِيَاءِ والمُرسَلِينَ عَلَيهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ.

ولكن قَد يُكرِمُ اللهُ تعالى بَعْضَ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ فلا تَأكُلُ الأَرضُ أَجسَادَهُم، وهذهِ كَرَامَةٌ من اللهِ تعالى لِبَعْضِ أَولِيَائِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5387 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1215
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 232
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 588
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2847
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1255
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7532
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413845644
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :