المرأة خلقت من ضلع

6725 - المرأة خلقت من ضلع

10-02-2015 4460 مشاهدة
 السؤال :
ما هو المقصود من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6725
 2015-02-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِن اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا».

وفي رِوَايَةٍ أَيضَاً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَإِذَا شَهِدَ أَمْراً فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ، أَوْ لِيَسْكُتْ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً».

ومَعنَى خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ: أي: خُلِقَت خَلْقَاً فِيهِ اعوِجَاجٌ، واعوِجَاجُهَا هوَ كَمَالٌ فِيهَا، ولَيسَ نَقصَاً، كَضِلَعِ القَفَصِ الصَّدرِيِّ، لا يُمكِنُ الانتِفَاعُ بِهِ إلا بهذا الشَّكلِ المِعوَجِّ.

فَقَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ» لَيسَ عَيبَاً للمَرأَةِ، وإِنَّمَا هوَ وَصْفُ أَصْلِ خِلقَتِهَا، وهوَ تَرغِيبٌ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حُسْنِ المُعَاشَرَةِ مَعَ الزَّوجَةِ، ولهذا بَدَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالوَصِيَّةِ بالنِّسَاءِ في هذا الحَدِيثِ، وخَتَمَهُ بِهَا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وبناء على ذلك:

فهذا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ أَمْرٌ للأزوَاجِ والآبَاءِ والإخوَةِ وغَيرِهِم أن يَسْتَوصُوا بالنِّسَاءِ خَيرَاً، وأن يُحسِنُوا إِلَيهِنَّ، وأن لا يَظْلِمُوهُنَّ، وأن يُعطُوهُنَّ حُقُوقَهُنَّ، وخَاصَّةً بالنِّسبَةِ للأزوَاجِ، فلا يَنبَغِي للرَّجُلِ أن يُبغِضَ زَوجَتَهُ إذا رَأَى مِنهَا مَا يَكْرَهُ، لأنَّهُ إنْ كَرِهَ مِنهَا خُلُقَاً، رَضِيَ مِنهَا خُلُقَاً آخَرَ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ ـ لا يُبغِضْ ـ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ».

وروى الإمام أحمد عن سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، وَإِنَّكَ إِنْ تُرِدْ إِقَامَةَ الضِّلْعِ تَكْسِرْهَا، فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا».

فَحَدِيثُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَوصِيفٌ للمَرأَةِ ولَيسَ تنقِيصَاً ـ حَاشَاهُ أن يُنَقِّصَ إِنسَانَاً ـ فَعَاطِفَةُ المَرأَةِ أَوسَعُ من عَقلِهَا، لِذَا وَجَبَ مُرَاعَاتُهَا.

يَقُولُ مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّةِ: لَيسَ بِحَكِيمٍ مَن لا يُعَاشِرُ بالمَعرُوفِ مَن لا يَجِدُ من مُعَاشَرَتِهِ بُدَّاً، حَتَّى يَجعَلَ اللهُ لَهُ فَرَجَاً أو مَخرَجَاً. رواه الإمام البخاري في الأَدَبِ المُفرَدِ.

وقَالَ ذُو النُّونِ: أَمَا إِنَّهُ من الحُمْقِ التِمَاسُ الإِخوَانِ بِغَيرِ الوَفَاءِ، وَطَلَبُ الآخِرَةِ بالرِّيَاءِ، وَمَوَدَّةُ النِّسَاءِ بالغِلْظَةِ. رواه البيهقي.

 

ويَقُولُ ابنُ حَجَرٍ: وفي الحَدِيثِ النَّدْبُ إلى المُدَارَاةِ لاستِمَالَةِ النُّفُوسِ وَتَآلُفِ القُلُوبِ، وَفِيهِ سِيَاسَةُ النِّسَاءِ بِأَخْذِ العَفْوِ مِنهُنَّ والصَّبْرِ على عِوَجِهِنَّ، وأنَّ مَن رَامَ تَقْوِيمَهُنَّ فَاتَهُ الانتِفَاعُ بِهِنَّ، مَعَ أَنَّهُ لا غِنَى للإِنسَانِ عَن امرَأَةٍ يَسْكُنُ إِلَيهَا ويَستَعِينُ بِهَا عَلى مَعَاشِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4460 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2023-11-23
 5218
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟
 السؤال :
 2023-09-17
 4564
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَضَ إِحْضَارَ كِتَابٍ أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ للأُمَّةِ، حَتَّى لَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ؟
 السؤال :
 2023-08-07
 3632
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ»؟
 السؤال :
 2023-02-25
 3619
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 2032
لَقَدِ انْتَشَرَتْ في صُفُوفِ النِّسَاءِ الأَحَادِيثُ المَكْذُوبَةُ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَلِ بَعْضِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَتَظَاهَرْنَ بِأَنَّهُنَّ دَاعِيَاتٌ إلى اللهِ تعالى، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟
 السؤال :
 2022-09-09
 3793
هُنَاكَ بَعْضُ المُشَكِّكِينَ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُونَ: أَيْنَ المُسَاوَاةُ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ خِلَالِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ»؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414912688
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :