توبة اليائس من الحياة

6728 - توبة اليائس من الحياة

10-02-2015 4030 مشاهدة
 السؤال :
ما هو المقصود من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6728
 2015-02-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد روى الإمام أحمد والترمذي عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ».

فَمِن كَرَمِ اللهِ تعالى وفَضْلِهِ على خَلْقِهِ، أَنَّهُ يَقبَلُ تَوبَةَ العَبدِ المُذنِبِ المُكَلَّفِ مَا لَم تَصِلْ رُوحُهُ إلى حُلقُومِهِ، أي: مَا لَم يُغَرغِرْ، وهذا مَأخُوذٌ من قَولِهِ تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾. وقد فَسَّرَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما حُضُورَهُ بِمُعَايَنَتِهِ مَلَكَ المَوتِ؛ وقَالَ غَيرُهُ: المُرَادُ تَيَقُّنُ المَوتِ، لا خُصُوصُ رُؤيَةِ مَلَكِهِ.

وبناء على ذلك:

فالمَقصُودُ من الحَدِيثِ الشَّرِيفِ ـ والله تعالى أعلم ـ بأنَّ تَوبَةَ اليَائِسِ من الحَيَاةِ الذي وَقَعَت رُوحُهُ في حُلقُومِهِ غَيرُ مَقبُولَةٍ عِندَ جُمهُورِ الفُقَهَاءِ، لأنَّ هذا العَبدَ كَانَ يَرتَكِبُ السَّيِّئَاتِ، ويُؤَخِّرُ التَّوبَةَ إلى أن وَقَعَت رُوحُهُ في الغَرغَرَةِ.

ويُستَفَادُ من الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: أنَّهُ يُشتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّوبَةِ صُدُورُهَا قَبلَ وُصُولِ الرُّوحِ إلى الحُلقُومِ، وأن يُغَرغَرَ بِهَا.

والسِّرُّ في عَدَمِ قَبُولِ تَوبَةِ هذا العَبدِ، أنَّ التَّوبَةَ من شُرُوطِهَا عَزْمُ التَّائِبِ على أن لا يَعُودَ إلى الذَّنبِ، وذلكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ مَعَ تَمَكُّنِ التَّائِبِ من الذَّنبِ، وبَقَاءِ الاختِيَارِ لَهُ.

وقَالَ ابنُ عَلَّانَ: والحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى فُرِضَ الوُصُولُ لِحَالَةٍ لا تُمكِنُ الحَيَاةُ بَعدَهَا عَادَةً لا تَصِحُّ مِنهُ حِينَئِذٍ تَوبَةٌ ولا غَيرُهَا، وهذا مُرَادُ الحَدِيثِ بِقَولِهِ: «يُغَرْغِرْ» ومَتَى لَم يَصِلْ لذلكَ صَحَّتْ مِنهُ التَّوبَةُ وغَيرُهَا.

اللَّهُمَّ ارزُقنَا تَوبَةً صَادِقَةً نَصُوحَاً. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4030 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2023-11-23
 5218
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟
 السؤال :
 2023-09-17
 4564
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَضَ إِحْضَارَ كِتَابٍ أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ للأُمَّةِ، حَتَّى لَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ؟
 السؤال :
 2023-08-07
 3632
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ»؟
 السؤال :
 2023-02-25
 3619
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 2032
لَقَدِ انْتَشَرَتْ في صُفُوفِ النِّسَاءِ الأَحَادِيثُ المَكْذُوبَةُ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَلِ بَعْضِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَتَظَاهَرْنَ بِأَنَّهُنَّ دَاعِيَاتٌ إلى اللهِ تعالى، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟
 السؤال :
 2022-09-09
 3793
هُنَاكَ بَعْضُ المُشَكِّكِينَ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُونَ: أَيْنَ المُسَاوَاةُ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ خِلَالِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ»؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4799
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414912265
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :