الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد وَرَدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الترمذي عَن بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟
قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ».
فَقَالَ: الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ؟
قَالَ: «إِن اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ».
قُلْتُ: وَالرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيَاً؟
قَالَ: «فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ». هذا أولاً.
ثانياً: روى الترمذي عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ، فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ، إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ، وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ».
ثالثاً: ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ من الحَنَفِيَّةِ والمَالِكِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ والحَنَابِلَةِ، إلى كَرَاهَةِ الكَلامِ أَثْنَاءَ قَضَاءِ الحَاجَةِ، وفي الخَلاءِ، ولا يَتَكَلَّمُ الإِنْسَانُ إلا لِضَرُورَةٍ.
وبناء على ذلك:
فَالكَلامُ أَثْنَاءَ قَضَاءِ الحَاجَةِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، إلا لِضَرُورَةٍ قُصْوَى، حَتَّى لا يُؤْذِي المَلائِكَةَ المُوَكَّلِينَ عَلَيْهِ من الكَتَبَةِ، قَالَ تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.