كفارة الغيبة

8060 - كفارة الغيبة

17-05-2017 2191 مشاهدة
 السؤال :
ما هي كفارة الغيبة؟ وكيف أطلب السماح عمن اغتبته وخاصة إذا كان ذلك يؤدي إلى مفسدة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8060
 2017-05-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الغِيبَةُ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَهِيَ حَرَامٌ شَرْعَاً، وَقَدْ حَذَّرَ مِنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا المُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» رواه الإمام أحمد وأبو داود عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: أَوْجَبَ عَلَيْنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ المَظَالِمِ إلى أَهْلِهَا قَبْلَ أَنْ نُحَاسَبَ عَلَيْهَا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثاً: كُلُّ مَنِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً لَزِمَهُ أَنْ يُبَادِرَ إلى التَّوْبَةِ مِنْهَا، بِـشرُوطِهَا المَعْرُوفَةِ، الإِقْلَاعُ عَنِ الذَّنْبِ، وَالنَّدَمُ عَلَى مَا فَعَلَ، وَالجَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، وَرَدُّ المَظَالِمِ إلى أَصْحَابِهَا، أَو طَلَبُ العَفْوِ عَنْهَا، وَالإِبْرَاءُ مِنْهَا.

رابعاً: اسْتِحْلَالُ مَنِ اغْتَبْتَهُ وَاجِبٌ عَلَيْكَ شَرْعَاً، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا اغْتَبْتَهُ فِيهِ، لِأَنَّ الغِيبَةَ مُخْتَلِفَةٌ، فَهُنَاكَ غِيبَةٌ دُونَ غِيبَةٍ، هَذَا إِذَا كَانَ لَا يُؤَدِّي إلى مَفْسَدَةٍ عَظِيمَةٍ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الاسْتِحْلَالُ يُؤَدِّي إلى مَفْسَدَةٍ عَظِيمَةٍ، فَعَلَى المُغْتَابِ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ لِمَنِ اغْتَابَهُ.

روى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كَفَّارَةُ مَنِ اغْتَبْتَ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ».

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَفَّارَةُ أَكْلِكَ لَحْمَ أَخِيكَ أَنْ تُثْنِيَ عَلَيْهِ، وَتَدْعُوَ لَهُ بِخَيْرٍ.

وبناء على ذلك:

فَعَلَى المُغْتَابِ أَنْ يَمْشِيَ إلى صَاحِبِهِ، وَيَقُولَ لَهُ: كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ، وَظَلَمْتُكَ وَأَسَأْتُ في حَقِّكَ، فَإِنْ شِئْتَ أَخَذْتَ حَقَّكَ، وَإِنْ شِئْتَ عَفَوْتَ.

روى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَا يَغْتَابُ مِنْكُنَّ أَحَدٌ أَحَدَاً، فَإِنِّي قُلْتُ لِامْرَأَةٍ مَرَّةً وَأَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذِهِ لَطَوِيلَةُ الذَّيْلِ.

فَقَالَ: «الْفُظِي الْفُظِي». فَلَفَظْتُ بِضْعَةً مِنْ لَحْمٍ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الذي اغْتَبْتَهُ مَيْتَاً، أَو غَائِبَاً لَا تَسْتَطِيعُ الوُصُولَ إِلَيْهِ، أَو تَخْشَى مِنْ حُدُوثِ فِتْنَةٍ كَبِيرَةٍ عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ لَهُ، وَالدُّعَاءِ لَهُ؛ وَهَذِهِ حَالَةٌ طَارِئَةٌ، للقَاعِدَةِ التي تَقُولُ: دَرْءُ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المَصَالِحِ؛ وَأَنْ تُكْثِرَ مِنَ الحَسَنَاتِ وَتُهْدِي ثَوَابَهَا إِلَيْهِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ حَسَنَاتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ.

هَذَا بَعْدَ التَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ مِنَ الغِيبَةِ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عَلَيْهِ مَظْلِمَةٌ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مَنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلِأَحَدٍ مَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةَ».

فَقَالُوا: كَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً حُفَاةً غُرْلَاً بُهْمَاً؟

قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ» رواه الحاكم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2191 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1205
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 231
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 584
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2843
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1253
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7520
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413555260
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :