سمع النداء والإناء في يده

8146 - سمع النداء والإناء في يده

10-06-2017 295 مشاهدة
 السؤال :
لقد سمعت حديثاً عن سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يقول: «إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَـقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ». ما معناه؟ وهل يجوز لمريد الصيام أن يأكل أو يشرب أثناء أذان الفجر؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8146
 2017-06-10

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: اسْتِنْبَاطُ الأَحْكَامِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هَذَا مِنَ اخْتِصَاصِ العُلَمَاءِ الفُقَهَاءِ المُجْتَهِدِينَ، وَلَيْسَ مِنَ اخْتِصَاصِ العَوَامِّ أَمْثَالِنَا، أَمَّا نَحْنُ فَنَلْتَزِمُ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

ثانيا: ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ، وَالأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ أَصْحَابُ المَذَاهِبِ، وَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ، إلى وُجُوبِ الامْتِنَاعِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ بِطُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ، لِمَنْ أَرَادَ الصِّيَامَ، سَوَاءٌ كَانَ فَرْضَاً أَو نَفْلَاً أَو وَاجِبَاً.

وَدَلِيلُهُمْ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بِلَالَاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».

قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا. رواه الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْفَجْرُ فَجْرَانِ: فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، وَلَا يُحِلُّ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، وَيُحِلُّ الصَّلَاةَ» رواه الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

ثالثاً: أَمَّا الحَدِيثُ الذي رواه الإمام أحمد والحاكم وَأبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ». مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ المُؤَذِّنَ كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ.

يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في المَجْمُوعِ: ذَكَرْنَا أَنَّ مَنْ طَلَعَ الفَجْرُ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلْيَلْفُظْهُ وَيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنِ ابْتَلَعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالفَجْرِ بَطَلَ صَوْمُهُ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ؛ وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ بِلَالَاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» رواه الشيخان.

وَفِي الصَّحِيحِ أَحَادِيثُ بِمَعْنَاهُ؛ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ». وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ المُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ إِذَا بَزَغَ الفَجْرُ؛ فَرَوَى الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الرِّوَايَةَ الأُولَى وَقَالَ: هَذَا صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ؛ وَرَوَاهُمَا البَيْهَقِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إِنْ صَحَّ مَحْمُولٌ عِنْدَ عَوَامِّ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ يُنَادَى قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ بِحَيْثُ يَقَعُ شُرْبُهُ قُبَيْلِ طُلُوعِ الفَجْرِ.

قَالَ: وَقَوْلُهُ: إِذَا بَزَغَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ مَنْ دُونَ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَو يَكُونُ خَبَرَاً عَنِ الأَذَانِ الثَّانِي، وَيَكُونُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ». خَبَرَاً عَنِ النِّدَاءِ الأَوَّلِ لِيَكُونَ مُوَافِقَاً لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؛ قَالَ: وَعَلَى هَذَا تَتَّفِقُ الأَخْبَارُ. اهـ.

وبناء على ذلك:

فَإِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الفَجْرِ فَلَا يَجُوزُ الأَكْلُ ولَا الشُّرْبُ، لِأَنَّ وَقْتَ الصِّيَامِ قَدْ بَدَأَ، هَذَا إِذَا كَانَ المُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ عِنْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ؛ وَبِمَا أَنَّ المُؤَذِّنِينَ في بِلَادِنَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى التَّوْقِيتِ المَعْرُوفِ، وَهُوَ تَوْقِيتٌ صَحِيحٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، لِأَنَّهُ مُعَدٌّ مِنْ قِبَلِ لَجْنَةٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ الـشَّرْعِيِّ، وَمِنْ قِبَلِ عُلَمَاءَ مُخْتَصِّينَ في عِلْمِ الفَلَكِ، فَيَجِبُ الالْتِزَامُ بِهِ.

وَهَذَا مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ، وَالأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ أَصْحَابُ المَذَاهِبِ المُتَّبَعَةِ في العَالَمِ الإِسْلَامِيِّ.

وَالمُرَادُ بِالحَدِيثِ المَذْكُورِ في السُّؤَالِ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّ المُنَادِيَ كَانَ يُنَادِي قُبَيْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ، بِحَيْثُ يَقَعُ الـشُّرْبُ قُبَيْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، وَلَو لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَتَعَارَضَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.

وَالإِنْسَانُ المُؤْمِنُ يَكُونُ حَرِيصَاً عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ في العِبَادَةِ، فَيَتَّقِي الشُّبُهَاتِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ» رواه الإمام مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ» رواه الحاكم عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

لِذَا يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ أَنْ يَحْتَاطَ بِالعَمَلِ بِالأَذَانِ وَالتَّقْوِيمَاتِ التي تُحَدِّدُ طُلُوعَ الفَجْرِ الصَّادِقِ بِالسَّاعَةِ وَالدَّقِيقَةِ، لِمَاذَا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهَا في أَدَاءِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهَا في الصِّيَامِ؟

إِذَاً فَالحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَيَقَّنَ الصَّائِمُ أَنَّ المُؤَذِّنَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الوَقْتِ المُحَدَّدِ الصَّحِيحِ بِالتَّقَاوِيمِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
295 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الصيام

 السؤال :
 2022-08-03
 308
مَتَى يُفْطِرُ المُؤَذِّنُ، قَبْلَ الأَذَانِ، أَمْ بَعْدَهُ؟
 السؤال :
 2022-03-21
 580
فَتَاةٌ في سِنِّ الصِّبَا تَرْفُضُ الصِّيَامَ، وَتَتَعَلَّلُ بِعِلَلٍ وَاهِيَةٍ، فَمَا حُكْمُهَا؟
 السؤال :
 2021-04-16
 965
إِذَا كَانَ عَلَى الإِنْسَانِ قَضَاءُ صِيَامٍ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صِيَامِهِ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ قَبْلَ أَذَانِ الفَجْرِ؟
 السؤال :
 2020-05-06
 83
أُرِيدُ السَّفَرَ بِالطَّائِرَةِ، وَمَوْعِدُ إِقْلَاعِ الطَّائِرَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِسَاعَةٍ، فَمَتَى يَحِقُّ لِيَ الفِطْرُ، لِأَنَّ سَفَرِي نَحْوَ الغَرْبِ، وَالشَّمْسُ تَكُونُ طَالِعَةً فَتْرَةً طَوِيلَةً؟
 السؤال :
 2020-04-17
 1136
امْرَأَةٌ مُرْضِعٌ، وَتَخَافُ عَلَى وَلَدِهَا الجُوعَ إِنْ صَامَتْ، فَهَلْ يُبَاحُ لهَا الفِطْرُ؟
 السؤال :
 2019-05-24
 7071
هَلْ غَسِيلُ الأُذُنِ أَثْنَاءَ الصِّيَامِ يُفَطِّرُ الصَّائِمَ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411928288
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :