الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾. وَالمُرَادُ بِالفَجْرِ هُوَ الأَذَانُ الثَّانِي، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ ـ أَوْ قَالَ يُنَادِي ـ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ الفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا ـ وَجَمَعَ يَحْيَى كَفَّيْهِ ـ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا ـ وَمَدَّ يَحْيَى إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ» رواه الإمام البخاري عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَمِنَ السُّنَّةِ تَأْخِيرُ السَّحُورِ إلى قُبَيْلِ الفَجْرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا أَخَّرُوا السَّحُورَ، وَعَجَّلُوا الْفِطْرَ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثانياً: إِذَا دَخَلَ وَقْتُ الفَجْرِ الصَّادِقِ ـ الأَذَانُ الثَّانِي في البِلَادِ التي يُؤَذَّنُ فِيهَا أَذَانَانِ ـ وَجَبَ الإِمْسَاكُ، فَمَنْ أَكَلَ أَو شَرِبَ بِدَايَةَ الأَذَانِ فَقَدْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ وَقْتَ طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ وَجَبَ الإِمْسَاكُ مُبَاشَرَةً لِمُرِيدِ الصَّوْمِ، فَإِذَا كَانَ في فَمِهِ طَعَامٌ أَو شَرَابٌ، عَلَيْه أَنْ يَمُجَّهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَلِعَهُ، فَإِذَا ابْتَلَعَهُ عَامِدَاً فَقَدْ أَفْطَرَ، وَعَلَيْهِ القَضَاءُ مَعَ الكَفَّارَةِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِمْسَاكُ ذَلِكَ اليَوْمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
