الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فأنت مصيب بحمد الله، وأسأل الله لنا ولك الثبات، لأن وجود الخادمات في البيوت اليوم طامَّة كبرى، والناس لا يفطنون لذلك، وذلك لغفلتهم عن الله عز وجل، ولجهلهم في الأحكام الشرعية.
أولاً: كثيراً ما تقع الخلوة من صاحب البيت أو من أحد أبنائه البالغين مع هذه الخادمة، وهذا محرَّم شرعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا لا يخلونَّ رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما» رواه أحمد.
فكم زيَّن الشيطان لهما في الخلوة من معصية؟ وكم من معصية وقعت بينهما في هذه الخلوة؟ وكم من بيوت هُدِّمت بسبب هذه الخلوة؟ وكم من غيرة تحركت في نفس الزوجة وعكَّرت صفو البيت بسبب وجود هذه الخادمة؟ وكم من عورة شوهدت بوجود الخادمة في البيت؟ وكم من فاحشة ارتكبت في هذه الخلوة؟ ومن الذي يضمن نفسه من الفتنة من المخدوم والخادمة؟ هل خرج المخدوم أو الخادمة عن الطبيعة البشرية؟
ثانياً: لماذا تأتي بالخادمة إلى البيوت ولا تأتي بخادم ـ رجل ـ؟ لا شك أن صاحب البيت يرفض ذلك مع صاحبة البيت، لأنه يخشى على عرضه من الرجل، وهذا من حق الرجل، أوليس من حق المرأة أن تخشى على زوجها وولدها من المرأة الأجنبية؟ هل عرضنا غالٍ عندنا، وعرض الآخرين رخيص عندنا؟ لنتق الله عز وجل، ولنذكر قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 1 ـ 3]. الكيل يجب أن يكون واحداً، فما نرضاه لعرضنا نرضاه للآخرين، وما نكرهه لعرضنا نكرهه للآخرين، لأن أعراض الناس جميعاً عند المؤمن كعرضه.
ثالثاً: هل يا ترى من إكرام الضيف أن تقدم الخادمة الضيافة للضيف؟ إكرام الضيف عندنا أن يقدِّم صاحب البيت الضيافة لضيفه بنفسه، انظر إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام يقول تعالى: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ} [الذاريات: 26 ـ 27]، هذا هو إكرام الضيف.
رابعاً: بوسعك يا أخي أن تأتي لزوجتك بامرأة تعينها على نظافة البيت في حال غيابك وغياب أولادك عن البيت، حيث تأتي هذه المرأة بعض السويعات لتقوم بالخدمة، ثم ترجع هذه المرأة إلى بيتها بعد انتهاء عملها، وهذا يكفي.
ولكن التقليد الأعمى ـ ولو على حساب الدين ـ أفسد الدين والدنيا، حتى أصبحنا نسمع بمن تفتخر بوجود الخادمة عندها، حتى سمعنا بأنها تصطحب الخادمة معها في زياراتها الخاصة والعامة، والعجيب أن يفتخر المخدوم بالخادم، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
خامساً: لقد فقد أبناء هؤلاء المخدومين حنان وعطف وتربية الآباء والأمهات، لأن الخادمة هي التي تقوم بتربية هؤلاء الأطفال، وتهيئهم للخروج إلى المدارس لأن الأبوين نائمان، هل يا ترى حنان وعطف وتربية الخادمة بنفس مستوى حنان وعطف وتربية الأبوين؟!
وبناء على ما تقدَّم:
وجود الخادمة في البيت الذي يسكن فيه الرجل مع زوجته وعنده أولاد ذكور، لا يجوز شرعاً، أما البيت الذي لا يوجد فيه إلا نساء فلا حرج في وجود الخادمة فيه، وأن تكون مسلمة، لأن المرأة غير المسلمة بالنسبة للمرأة المسلمة كالرجل، والله تعالى يقول: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31]. ثم قال: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}. والمقصود هنا النساء المسلمات. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |