الغنى في النكاح

8272 - الغنى في النكاح

14-08-2017 317 مشاهدة
 السؤال :
كيف نوفق بين قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْـبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». وبين حديث: الْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاحِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8272
 2017-08-14

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الحَدِيثُ الأَوَّلُ رواه الشيخان عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

أَمَّا الحَدِيثُ الثَّانِي فَلَيْسَ حَدِيثَاً شَرِيفَاً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حَيْثُ قَالَ: الْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاحِ؛ وَتَلا قَوْلَهُ تعالى: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.

ثانياً: لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ وَكَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لِأَنَّ المَقْصُودَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ» أَيْ: القُدْرَةَ عَلَى الجِمَاعِ؛ وَبَعْضُهُمْ قَالَ: القُدْرَةَ عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ.

وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاحِ؛ لَيْسَ المَقْصُودُ بِالغِنَى في كَلَامِهِ، وَفي قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. غِنَى المَالِ، بَلِ المُرَادُ غِنَى النَّفْسِ، وَهُوَ القَنَاعَةُ، وَهَذَا الغِنَى أَفْضَلُ مِنْ غِنَى المَالِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وبناء على ذلك:

فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَالحَدِيثُ يَحُضُّ الشَّبَابَ عَلَى الزَّوَاجِ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُمُ القُدْرَةُ الجَسَدِيَّةُ وَمُؤَنُ النِّكَاحِ، وَمَنْ تَزَوَّجَ عِبَادَةً للهِ تعالى أَغْنَاهُ اللهُ تعالى في نِكَاحِهِ غِنَى النَّفْسِ.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الوَعْدُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. مُقَيَّدُ بِالمَشِيئَةِ، وَحَاشَا لِرَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُخْلِفَ وَعْدَهُ لِمَنْ تَزَوَّجَ وَهُوَ يُرِيدُ إِعْفَافَ نَفْسِهِ، وَلَو كَانَ فَقِيرَاً في المَادَّةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَطِيعُوا اللهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ النِّكَاحِ يُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْغِنَى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
317 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2024-08-08
 748
مَا مَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»؟
 السؤال :
 2023-11-23
 9654
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟
 السؤال :
 2023-09-17
 7418
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَضَ إِحْضَارَ كِتَابٍ أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ للأُمَّةِ، حَتَّى لَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ؟
 السؤال :
 2023-08-07
 5380
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ»؟
 السؤال :
 2023-02-25
 4459
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 2946
لَقَدِ انْتَشَرَتْ في صُفُوفِ النِّسَاءِ الأَحَادِيثُ المَكْذُوبَةُ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَلِ بَعْضِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَتَظَاهَرْنَ بِأَنَّهُنَّ دَاعِيَاتٌ إلى اللهِ تعالى، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5637
المقالات 3201
المكتبة الصوتية 4873
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 420703021
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :