وَتَعَالَى جَدُّكَ

8609 - وَتَعَالَى جَدُّكَ

10-01-2018 2958 مشاهدة
 السؤال :
جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ. فهل كلمة جدك بفتح الجيم أم بكسرها؟ لأن هناك الكثير من يحذر من لفظها بالفتح، ويقولون بأن الجد هو أب الأب، فما هو الصواب في ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8609
 2018-01-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ، وَجَاءَتْ كَلِمَةُ جَدِّكَ بِالفَتْحِ لَا بِالـكَسْرِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ العُلَمَاءُ.

وروى الحاكم وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ».

يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَقَوْلُهُ في دُعَاءِ الاسْتِفْتَاحِ: «وَتَعَالَى جَدُّكَ» مَفْتُوحَ الجِيمِ، أَيْ: ارْتَفَعَتْ عَظَمَتُكَ، وَقِيلَ: المُرَادُ بِالجَدِّ الغِنَى؛ وَكِلَاهُمَا حَسَنٌ، وَلَمْ يَذْكُرِ الخَطَّابِيُّ إِلَّا العَظَمَةَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارَاً عَنِ الجِنِّ: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾. أَيْ: عَظَمَتُهُ.

وَقَالَ البُهُوتِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كَشَّافِ القِنَاعِ: «وَتَعَالَى جَدُّكَ» بِفَتْحِ الْجِيمِ، أَيْ: عَلَا جَلَالُكَ، وَارْتَفَعَتْ عَظَمَتُكَ.

وَهَذَا مُؤَكَّدٌ عَلَيْهِ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الذي رواه الإمام البخاري أَنَّ المُغِيرَةَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا سَلَّمَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ (أَيْ: لَا يَنْفَعُ ذَا الغِنَى عِنْدَكَ غِنَاهُ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ العَمَلُ بِطَاعَتِكَ؛ وَمِنْكَ مَعْنَاهُ عِنْدَكَ. قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ)». يَعْنِي: لَا يَنْفَعُ ذَا الحَظِّ وَالغِنَى وَالجَاهِ مِنْكَ حَظُّهُ وَغِنَاهُ وَجَاهُهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

وبناء على ذلك:

فَلَفْظُ: «وَتَعَالَى جَدُّكَ» بِالفَتْحِ لَا بِالـكَسْرِ بِاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ وَالمُحَدِّثِينَ، وَمَعْنَى الجَدِّ بِالفَتْحِ: العَظَمَةُ.

وَإِن كَانَ لَفْظُ الجَدِّ يَأْتِي بِمَعنَى وَالِدِ الأَبِ،إِلا أَنَّهُ لَيسَ مَقصُودَاً بِذَلِكَ هُنا ،لِأَنَّ اللهَ تَعَالى مُنَزَّهٌ عَن ذَلِكَ فَلا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ.

وَمَن تَوَّهَمَ ذَلِكَ فَمَا هُوَ قَائِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾؟ فَهل نَسَبَت الآيةُ الكَرِيمَةُ الجَدَّ إِلى اللهِ تَعَالى؟تَعَالَى اللهُ عَن ذَلِكَ عُلُواً كَبِيراً

وَمَنْ قَالَ بِكَسْرِ الجيمِ عَامِدَاً مُتَعَمِّدَاً فَإِنَّهُ يُحَرِّفُ كَلَامَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الوَعِيدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَنِ المُغِيرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ كَذِبَاً عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2958 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2025-05-14
 461
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». فَمَا تَفْسِيرُ شَرْحُ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى»؟
 السؤال :
 2025-02-27
 414
جَاءَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَعَهُ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ». مَاذَا يُفِيدُ هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ؟
 السؤال :
 2025-02-27
 634
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُومُوا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي، إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ». أَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيثِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الاسْتِغَاثَةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 472
رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ، لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكِ» قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا، قَالَ: «أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا». وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلَا لَعَّانًا، وَلَا سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: «مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ». فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 470
مَا شَرْحُ الحَدِيثِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ»؟
 السؤال :
 2024-08-08
 1145
مَا مَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424747643
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :