«الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»

8793 - «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»

02-04-2018 5927 مشاهدة
 السؤال :
ما هو شرح حديث سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8793
 2018-04-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ».

وَمَعْنَى الحَدِيثِ وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ: بِأَنَّ الأَرْوَاحَ التي يَقُومُ بِهَا الجَسَدُ، وَتَكُونُ بِهَا الحَيَاةُ، هِيَ جُمُوعٌ مُجَمَّعَةٌ، وَأَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَمَا تَوَافَقَ مِنْهَا في الصِّفَاتِ وَتَنَاسَبَ في الأَخْلَاقِ ائْتَلَفَ، وَإِلَّا اخْتَلَفَ.

وَفِي الحَدِيثِ إِشَارَةٌ إلى أَنَّ الأَرْوَاحَ مَخْلُوقَةٌ قَبْلَ الأَجْسَادِ، وَأَنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الحِينِ قِسْمَانِ مِنِ ائْتِلَافٍ وَاخْتِلَافٍ، إِذَا تَقَابَلَتْ وَتَوَاجَهَتْ وائْتَلَفَتْ فِي عَالَمِ الذَّرِ ائْتَلَفَتْ فِي الدُنْيَا، وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ.

فَأَهْلُ السَّعَادَةِ مَعَ أَهْلِ السَّعَادَةِ تَوَافُقٌ، وَمَعَ غَيْرِهِمُ اخْتِلَافٌ، فَإِذَا تَلَاقَتِ الأَجْسَادُ التي فِيهَا الأَرْوَاحُ في الدُّنْيَا ائْتَلَفَتْ عَلَى حَسَبِ مَا تَعَارَفَتْ وَائْتَلَفَتْ فِي عَالَمِ الذَّرِّ، وَلِذَا تَرَى الخَيِّرَ يُحِبُّ الأَخْيَارَ، وَيَمِيلُ إِلَيْهِمْ، وَالشِّرِّيرَ يُحِبُّ الأَشْرَارَ، وَيَمِيلُ إِلَيْهِمْ.

وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

إِنَّ الْـقُـلُوبَ لَأَجْنَـادٌ مُجَنَّدَةٌ    ***  قَوْلُ الرَّسُولِ فَـمَنْ ذَا فِيهِ يَخْتَلِفُ

فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا فَهُوَ مُؤْتَلِفٌ    ***   وَمَا تَـنَـاكَـرَ مِـنْـهَـا فَهُوَ مُخْتَلِفٌ

وَرَحِمَ اللهُ تعالى كَذَلِكَ مَنْ قَالَ:

بَـيْـنِي وَبَيْنَكَ في المَحَبَّةِ نِسْبَةٌ   ***   مَسْتُورَةٌ عَنْ سِرِّ هَذَا العَالَمِ

نَحْنُ اللَّذَانِ تَحَابَبَتْ أَرْوَاحُنَا   ***   مِنْ قَبْلِ خَلْقِ اللهِ طِينَةَ آدَمِ

وبناء على ذلك:

فَالأَرْوَاحُ قَبْلَ خَلْقِ الأَجْسَادِ كَانَتْ مَوْجُودَةً، مِنهَا المُتَآلِفُ، وَمِنْهَا المُخْتَلِفُ، وَعِنْدَمَا حَلَّتِ الأَرْوَاحُ في الأَجْسَادِ، انْعَكَسَ هَذَا التَّآلُفُ وَالاخْتِلَافُ في الأَجْسَادِ، فَالخَيِّرُ مَعَ الخَيِّرِينَ، وَالـشَّرِّيرُ مَعَ الشِّرِّيرِينَ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَنَا في تَآلُفٍ مَعَ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5927 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2024-08-08
 67
مَا مَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»؟
 السؤال :
 2023-11-23
 8453
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟
 السؤال :
 2023-09-17
 6619
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَضَ إِحْضَارَ كِتَابٍ أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ للأُمَّةِ، حَتَّى لَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ؟
 السؤال :
 2023-08-07
 4836
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ»؟
 السؤال :
 2023-02-25
 4175
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 2714
لَقَدِ انْتَشَرَتْ في صُفُوفِ النِّسَاءِ الأَحَادِيثُ المَكْذُوبَةُ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَلِ بَعْضِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَتَظَاهَرْنَ بِأَنَّهُنَّ دَاعِيَاتٌ إلى اللهِ تعالى، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5629
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4861
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 418434631
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :