«الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»

8793 - «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»

02-04-2018 6124 مشاهدة
 السؤال :
ما هو شرح حديث سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8793
 2018-04-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ».

وَمَعْنَى الحَدِيثِ وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ: بِأَنَّ الأَرْوَاحَ التي يَقُومُ بِهَا الجَسَدُ، وَتَكُونُ بِهَا الحَيَاةُ، هِيَ جُمُوعٌ مُجَمَّعَةٌ، وَأَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَمَا تَوَافَقَ مِنْهَا في الصِّفَاتِ وَتَنَاسَبَ في الأَخْلَاقِ ائْتَلَفَ، وَإِلَّا اخْتَلَفَ.

وَفِي الحَدِيثِ إِشَارَةٌ إلى أَنَّ الأَرْوَاحَ مَخْلُوقَةٌ قَبْلَ الأَجْسَادِ، وَأَنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الحِينِ قِسْمَانِ مِنِ ائْتِلَافٍ وَاخْتِلَافٍ، إِذَا تَقَابَلَتْ وَتَوَاجَهَتْ وائْتَلَفَتْ فِي عَالَمِ الذَّرِ ائْتَلَفَتْ فِي الدُنْيَا، وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ.

فَأَهْلُ السَّعَادَةِ مَعَ أَهْلِ السَّعَادَةِ تَوَافُقٌ، وَمَعَ غَيْرِهِمُ اخْتِلَافٌ، فَإِذَا تَلَاقَتِ الأَجْسَادُ التي فِيهَا الأَرْوَاحُ في الدُّنْيَا ائْتَلَفَتْ عَلَى حَسَبِ مَا تَعَارَفَتْ وَائْتَلَفَتْ فِي عَالَمِ الذَّرِّ، وَلِذَا تَرَى الخَيِّرَ يُحِبُّ الأَخْيَارَ، وَيَمِيلُ إِلَيْهِمْ، وَالشِّرِّيرَ يُحِبُّ الأَشْرَارَ، وَيَمِيلُ إِلَيْهِمْ.

وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

إِنَّ الْـقُـلُوبَ لَأَجْنَـادٌ مُجَنَّدَةٌ    ***  قَوْلُ الرَّسُولِ فَـمَنْ ذَا فِيهِ يَخْتَلِفُ

فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا فَهُوَ مُؤْتَلِفٌ    ***   وَمَا تَـنَـاكَـرَ مِـنْـهَـا فَهُوَ مُخْتَلِفٌ

وَرَحِمَ اللهُ تعالى كَذَلِكَ مَنْ قَالَ:

بَـيْـنِي وَبَيْنَكَ في المَحَبَّةِ نِسْبَةٌ   ***   مَسْتُورَةٌ عَنْ سِرِّ هَذَا العَالَمِ

نَحْنُ اللَّذَانِ تَحَابَبَتْ أَرْوَاحُنَا   ***   مِنْ قَبْلِ خَلْقِ اللهِ طِينَةَ آدَمِ

وبناء على ذلك:

فَالأَرْوَاحُ قَبْلَ خَلْقِ الأَجْسَادِ كَانَتْ مَوْجُودَةً، مِنهَا المُتَآلِفُ، وَمِنْهَا المُخْتَلِفُ، وَعِنْدَمَا حَلَّتِ الأَرْوَاحُ في الأَجْسَادِ، انْعَكَسَ هَذَا التَّآلُفُ وَالاخْتِلَافُ في الأَجْسَادِ، فَالخَيِّرُ مَعَ الخَيِّرِينَ، وَالـشَّرِّيرُ مَعَ الشِّرِّيرِينَ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَنَا في تَآلُفٍ مَعَ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
6124 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2025-05-14
 383
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». فَمَا تَفْسِيرُ شَرْحُ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى»؟
 السؤال :
 2025-02-27
 397
جَاءَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَعَهُ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ». مَاذَا يُفِيدُ هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ؟
 السؤال :
 2025-02-27
 603
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُومُوا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي، إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ». أَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيثِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الاسْتِغَاثَةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 462
رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ، لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكِ» قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا، قَالَ: «أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا». وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلَا لَعَّانًا، وَلَا سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: «مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ». فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 457
مَا شَرْحُ الحَدِيثِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ»؟
 السؤال :
 2024-08-08
 1133
مَا مَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424601600
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :